رواية " مرآة الزهورين" ...الجزء الاول
" #مرآة_الزهورين "
الجزء الأول
كثر القيل والقال في موضوع الزهوريين لدرجة أن الناس لم تعد تميز الحقيقة المؤكدة من التدليس المتعمد .
ماهي حقيقة الزهورين وروحانيتهم الخاصه ، كل من تكلم عن هذا الموضوع لم يسهب وتكلم بإيجاز أو خوف أو تخبط بدون معلومات كافية و وافية ، لذلك قررت أن يكون هذا الموضوع هو الأول من نوعه على شبكات العالم الأزرق من خلال روايتي القصيرة ،
" مرآة الزهوريين " .
سبب تسمية روايتي بهذا الإسم هو فقط لشهرته و كثرة تداوله على الألسن ، و لو اخترت لها عنوانا آخر لكان غريبا وغير مفهوما لكثيرين .
لذلك دعنا نتجرد من أفكارنا المسبقة لنعرف الحقيقة والحقيقة فقط .
فهل أنتم مستعدون؟؟؟؟؟؟؟
.《#مرآة_الزهوريين 》
.《الجزء الأول 》
هل تظن أنني مجنونة لأصدقك مرة أخرى و أذهب معك إلى ذلك العالم المقزز !!
لقد صدقتك مرة واحدة ، و اتضح لي أنك مجرد نكرة ،
أظن أنه جاء الوقت للتخلص من مخلوقات بشعة مثلك كي ترتاح الحياة برمتها ،
في هذه الأثناء دخلت " الأم " غرفة ابنتها " مايا " لتجدها تنظر لتلك المرآة وتكلم نفسها وهي تزمجر وقد كان الغضب باديا عليها .
سألتها باستغراب : من تكلمين يا عزيزتي ؟؟!!
فردت عليها : أكلم نفسي لعلها تنضبط ولا تنخدع مرة أخرى،
فقالت : ومن خدعك ، أنا لا أفهم شيئا إنك تقلقينني بهذا الكلام !!!
مايا : لا تقلقي يا أمي إنها مجرد مسرحية أتدرب عليها أظن أنني خدعتك ههههه .... إذا أنا ممثلة بارعة أليس كذلك ؟؟
فقالت لها : أكيد يا عزيزتي لقد صدقتك فعلا ، كاد قلبي يتوقف ، الحمد لله أنها مجرد مسرحية ، أنا متأكدة أنك ستنجحين .
ثم نظرت " مايا " في هذه اللحظة إلى المرآة وكأنها توجه نظراتها وكلماتها لشخص ما وقالت : أنا أعلم أنني سأنجح مهما كلفني الأمر إن لم يكن اليوم فغدا ، فالحياة مجرد مسرحية ،وهناك دائما ممثلون ومتفرجون و دائما ينسون أن هناك من هو خلف الستار يحرك ويلعب بالجميع ، لكن وقت العرض قد إنتهى .
بعدها نظرت إلى أمها وقالت : جيد أليس كذلك يا أمي؟؟
لتردف أمها قائلة : بل مذهل يا عزيزتي الجميلة إستمري سوف تنجحين بكل تأكيد سأتركك الآن تتدربين على مسرحيتك .
بعدما خرجت " أم مايا " من الغرفة عادت تكلم المرآة وهي تقول : إذا كانت عندك القدرة فاخرج إلى عالمي أيها المقزز .
.....و في تلك اللحظة خرج شخص غريب بشكله المخيف و المقيت وهو يصدر صوتا كفحيح الأفاعي ،
ما إن خرج من المرآة حتى أصبحت الغرفة ذات رائحة نتنة ،
وقف بطوله المقوس وقال : هل تظنين أنني سأخاف منك !! أو سأتركك تنجين بفعلتك أيتها الذكية !!
سأجعل حياتك جحيما و سأجعلك تتمنين الموت ،
إلا في حالة واحدة وهي أن توافقي على العرض الذي قدمته لك ،
لتردف " مايا " بكل ثقة وهي تقول : إسمع أيها المقزز سوف أجعلك أنت ومن معك تحترقون في قاع جهنم بدون رحمة ،
المخلوق المقزز : إذا لم تذهبي معي الآن سأحرق المنزل بمن فيه ....
ماهي إلا لحظات حتى صار المنزل يحترق ،وكأنه يحترق من ألف سنة وكأن النار ليست نارا بل جهنما على الأرض ،
كانت تسمع صرخات أمها و أخواتها نار ...نار ....إننا نحترق نحترق ،
لكن " مايا " كانت متأكدة أن كل هذا مجرد سحر تخييل و أن كل ما تراه ماهو إلا سحر من ذلك المخلوق الشيطاني ،
لكن فكرة أن يكون هذا الأمر حقيقة جعلها توافق على الذهاب معه حتى لا يتعرض أهلها لمكروه ،
وفعلا عندما وافقت على الذهاب توقفت الصرخات وتلك النار الحارقة .
دخلت " مايا " برفقة المخلوق الشيطاني إلى داخل المرآة ثم إلى عالم غريب ،عالم ( الشياطين الحمر ) ، كل شيء فيه أحمر ، سمائهم حمراء ، ترابهم جبالهم حمراء ، بيوتهم مبنية بطين أحمر مخلوقات بلونها الأحمر وكأن جلدها مسلوخ سلخا و التي لا تستطيع أن تميزها أحيانا عن طبيعة المكان،
خرجوا إلى ذلك الطريق المؤدي إلى قصر غريب بشكل هندسي عجيب لا تعرف رأسه من قاعدته وكأنه لا جاذبية في هذا المكان .
كان الجميع ينتظر قدوم " مايا " وكأنها ملكة وهم العبيد ،و كان يقول ذلك المخلوق المقزز : إن الملكة تنتظرك وهي غاضبة لأنك تأخرتي ،
بينما هم يتقدمون بخطوات مسرعة كان بالجانب الخلفي للقصر مخلوقات بشرية مقيدة من قبل الشياطين في حالة يرثى لها ،
حتى وصلوا لقاعة القصر التي تعكس مدى التعاسة التي يعيشونها هؤلاء الشياطن .
اقتربت " مايا " وسط الجموع الهائلة من تلك المخلوقات ، وبالرغم من أشكالهم المقرفة لم تلتفت إليهم وكأنها تعودت على هذه المناظر من سنين خلت .
بينما هي واقفة بثباث وصلت إلى مسامعها صرخات امرأة تجلس عل كرسيها في آخر القاعة وهي تقول : لقد تأخرت كثيرا سأجعلك تندمين على خدلانك لي ،
وفي هذه اللحظة اقترب مخلوق عملاق برأس كلب وعضلات مفتولة وأمسك يد " مايا " بقوة ثم أخرج خنجرا أسودا وجرح يدها اليمنى لتنزل بعض قطرات من دمها في كأس و كأنه قرن ثور و أعطاه " للملكة " التي كانت وكأنها مريضة ولا تقوى على الحراك ، و ما إن شربت ذلك الدم حتى تجدد الشباب لديها وصارت وكأنها فتاة في العشرين من عمرها ، ثم انتصبت من على الكرسي واتجهت نحو " مايا " مباشرة و بسرعة مهولة وهي تقول : لو تأخرت قليلا يا عزيزتي " مايا " لأمرتهم بقتل جميع عائلتك حرقا ،
نظرت إليها وهي تقول : و ما الذنب الذي اقترفته في حياتي ؟؟
لقد دمرتم حياتي ، دمرتم كل شيء جميل كنت أحلم به ،
سأجعلكم تدفعون الثمن جميعا ،
يوما ما سأمسحكم من على وجه الأرض حتى ترتاح منكم هذه الأمة،
لتردف قائلة تلك الشيطانة الحمراء وهي تلتوي
كالأفعى : عذرا منك يا عزيزتي لقد أخفتني
..لكن كل ذنبك أنك فريدة ولا أستطيع التفريط فيك و لا أحب ان أراك غاضبة فدمك ثمين،
هل ترين كل هؤلاء البشريين من الزوهريين ، دمهم ليس ثمينا كدمك ، نقطة واحدة من دمك يا عزيزتي تعيد لي الشباب والصبا و القوة الذي كنت أملكها منذ خمسة مليون سنة ، حتى نزل علينا عقاب سليمان لأننا عصيناه ، و منذ ذاك الحين فقدت قوتي وإن لم أشرب الدم أنا وفصيلاتي نندثر ،
لذلك لا أستطيع أن أعاقبك لأنك كنز ثمين،
نظرت إليها وقالت : أعلم أنني المخطئة لأنني صدقت ذلك المخلوق المقزز الذي بعثموه في صفة إنسان ،
لكن أنا متأكدة أن يوم فنائكم قريب لا محالة ، لتردف تلك الشيطانة الحمراء بكل تبجح : لقد تلاعبنا بجدك آدم الضعيف وجعلناه يعصي أمر ربه فكيف لا نستطيع التلاعب بكم و أنتم أضعف منه .
" مايا " : لقد مارستم الخداع طوال العقود الماضية ، لكن كوني متأكدة أن حسابكم سيكون عسيرا لا مفر ،
وإن كنتم تظنون أنكم غلبتم جدي" آدم " فأنتم مخطئون، فكله في كتاب مسطور، ماهو إلا قدر الله حتى نكون خلفائه في الأرض.
لتصرخ تلك الشيطانة بأعلى صوتها وهي تقول في أسى ممزوج بخبث و حقد : أعلم أنني سأحرق في جهنم ، لكن إلى ذلك الوقت سأخدع جميع الرجال إلا المحفوظون على سطح الأرض ، سأفتنهم بجمالي وسحري من خلال بنات حوآء حتى يقعوا في المعصية و المحرمات و الزنا .
........
.................
لم أعرفكم بنفسي بعد ، لقد نسيت !!
أنا " مايا " من المغرب " أنا إنسانة زوهرية كما يقولون ، أنا لم أكن أعرف ذلك ، كانت أول مرة أسمع هذا المصطلح من جني طيار عندما قال لي : إنتبهي لنفسك يا " مايا " لأنك مستهدفة ،
و دائما ما كنت أجرح نفسي بالخطأ حتى لو كان السبب بسيطا و يتطاير الدم من مكان الجرح كأن الهواء يلعب به ،
أتذكر في إحدى الأيام بينما كنت أشرب إنكسر الكأس في يدي بدون سبب !!
نزل الكثير من الدم في المطبخ ، عندما أخبرت أمي عن ذلك لم تجد ما أخبرتها به سوى قطرات صغيرة جدا رغم أن الجرح كان عميقا!!!
و دائما ما كنت أتهم أنني درامية و أحب تضخيم الأشياء رغم أن الحقيقة غير ذلك تماما،
وقد استغرق مني الأمر وقتا حتى أدركت أنني أحارب من قبل كائنات غيبية ، في كل مرة كنا نغير البيت بسبب حصول بعض الأمور الغريبة و الأصوات العالية التي لا نعرف مصدرها، و كنت أتعثر و أسقط أرضا بسبب أو بدون سبب على إثر ذلك وأجرح نفسي فينزل دم كثيف والذي يختفي بدون سبب ،
لذلك غيرنا المنزل أكثر من مرة حتى سئمنا من ذلك .
وفي أحد الأيام بينما كنت أخرج من بيت جدتي مساء بعد وقت المغرب ، جاءني رجل بينما كنت أمشي في الشارع، وأخبرني بأمور تحصل معي بالتفصيل مما جعلني أصدقه خصوصا و أنني كنت أعاني في صمت ، فصدقته بكل سذاجة ، قال : إن هناك مخلوقات تحاربك ،
وأعطاني شيئا غريبا لونه أسود لأرشه في المنزل حتى نتخلص من الطاقة السلبية الشيطانية،
ثم سألني هل عندكم مرآة كبيرة في المنزل؟؟
فقلت له : نعم ... للصدفة فإن المنزل الذي انتقلنا إليه كان به مرآة على طول القامة في غرفة الملابس ،
ليردف ذلك الرجل الغريب بهيئته المقوسة قائلا : إذا إمسحي هذا الرماد على تلك المرآة وقولي هذه الجملة و كوني متأكدة أنك ستكونين بخير ،
سألته من أنت؟؟
قال : أنا فاعل خير .
لكن للأسف كانت مجرد مكيدة ،و كان ذاك سحرا أسودا وأنا فعلته بنفسي لنفسي و أبطلت تحصين المنزل بذلك ، و ما إن غابت الشمس حتى رأيت المنزل يعج بمخلوقات مخيفة وغريبة و كلها تخرج من تلك المرآة التي مسحت عليها بتلك المادة ، مما أوصلني ذلك إلى المستشفى وسبب لي صدمة نفسية مما شهدته .
عرفت فيما بعد أن الشياطن كانت تدفع فئة معينة من الجن المتشيطن الخادم لهم حتى تقوم بأعمال معينة في المنزل حتى أصل لنقطة الاستسلام و التصديق بكل شيء ، لقد كانت مؤامرة مخطط لها كما عرفت بعد ذلك .
كان عمري 15 سنة وقتها ، عودي كان أخضرا كما يقولون ،وكنت أصدق كل شيء يقال لي و لم تكن عندي خبرة كافية ، أما اليوم فقد وصلت إلى مرحلة وكأن الكون انطوى بداخلي و صرت أرى باطن الشخص قبل ظاهره و أقرأ أفكاره قبل أن يتحدث بها ، وصارت بصيرتي قوية و فراستي صادقة لا تكذبني و خبرتي لا تخذلني .
عانيت الكثير في تلك المرحلة ، وأنا إنسانة خجولة إنطوائية .. قليلة الكلام .. أكره المناسبات و الأماكن المزدحمة ..أحب العزلة وتفريغ الطاقة من خلال الرسم ،
أعرف ما سيحصل قبل حصوله ، و أرى مخلوقات غير بشرية ،
لكن في كل مرة كان يطلب مني الذهاب إلى العالم الأحمر لتشرب الملكة قطرات من دمي والذي كان محرما على من معها من الخدام إلا عن أخواتها و أولادها الذين لا يشبعون من دمي ، حتى أصيبت بالأنيمية ، وصار يغمى علي في كل مكان .
أتذكر أنه في تلك الليلة التي خرجت فيها من المستشفى كنت أتمنى ألا أعود إلى ذلك المنزل لأنه صار كبوسا حقيقيا،
رفعت رأسي إلى السماء وقلت :
هل من خلاص يا الله ؟؟؟
هل تسمعني ؟
هل هناك أمل ؟؟
هل هذا إبتلاء أم عقاب ؟؟
هل تحبني يا الله أم تعذبني ؟؟
لماذا يحصل معي كل هذا ؟
ألهذه الدرجة أنا لا أساوي شيئا عندك ؟؟
تلك الليلة كانت مختلفة ، مختلفة تماما .
زارني فيها أشخاص لا أعرفهم و كلهم ملثمون ، ومعهم رجال من جنود الملك الأبيض من الجن الطاهر ، و اقترب مني رجل يرتدي رداء أخضر ، وقال : لعل ما مررت به كان درسا لك ، وحتى تستطيعين مساعدة غيرك ، لأنك بهذا أصبحت لديك خبرة أكثر .
اقترب مني وقال : أظن أنه حان الوقت طالما عزمت بيقين .
سألته : من أنت ؟؟
فأردف قائلا : أنا جدك .
يا إلهي إنها صدمة فعلا جدي في العشرين من عمره ،
في تلك اللحظة إنتقلنا من عالم الشهادة إلى عالم مختلف،
سألته أين نحن الآن ؟؟
فقال : نحن في مدينة طيبة نحن في البعد الآخر ، بالضبط تحت الأهرامات في مصر .
يا إلهي إنها مدينة مترامية الأطراف باخضرارها وجمالها وأنهارها الجارية و بيوتها و أهراماتها من الكريستال وطرقاتها التي كأنها صرح ممرد من قوارير ،
و عندهم شمس كشمسنا وسماء كسمائنا إلا أنها شديدة الصفاء ، و ترى الطير والملائكة فيها وهي تطير وتغرد بصوت عذب جميل ، الجميع يلقي السلام حتى الطير
و الشجر .
مشينا حتى وصلنا إلى " مكعب ضخم " أخضر اللون وكأنها " الكعبة المشرفة " ، وسط أرض طيبة مباركة وقد كان عليها من الحراس ما لا يحصى ، عندما اقتربنا نظر إلي من قال أنه جدي ثم قال : انتظريني هنا مع الجنود ، ثم طلب الإذن ودخل لوحده ثم خرج وبيده " قلادة " ذات حجر أخضر بداخلها ، وكأنها ""نهر جاري " و ذاك النهر كأنه يصب في بحر و ذاك البحر كأنه يصب في كتاب وذاك الكتاب كأنه يصب في قلم .
كان مذهلا ما رأيت بكل ما تحمله الكلمة من معنى، شيء لا يصدق ، ثم اقترب مني وقال : إلبسي هذه القلادة ، و ما أن لبستها حتى تملكتني طاقة عجيبة وشعت تلك القلادة شعاعا يعمي الأبصار ثم انفتح قلبي إلى نصفين واختفت " الجوهرة بقلادتها " بداخله وعاد القلب الى ما كان عليه .
بعدها نمت و لم أستيقظ إلا في اليوم التالي ، وعندما سألته ماذا حصل ، قال لي : أن طاقة القلادة قوية وأن هذا أمر طبيعي ، فسألته : و ماهذه القلادة ؟؟
فقال :
إنها " القوة الخالدة " أو كما يطلقون عليها في الأرض
" اللوغوس" يا عزيزتي ، و جزء صغير منها فقط في قلادتك ،
إنها طاقة ليست لها حدود ، و كانت عند جدنا آدم عليه السلام و نزلت معه للأرض بفضل الله ثم أورثها إلى إدريس عليه السلام ،
" اللوغس " كما يطلقون عليها هي من تختار أصحابها حيث ما كانوا في هذه الأرض ، لأن جزء بسيطا ظل في دماءهم يتوراثونه من نسل جدهم النبي إدريس عليه السلام ، لذلك فدمهم مقدس عند المخلوقات الحامية ، ويتقاتلون من أجل دماء هذه الفئة ، لأنها " الكلمة النافذة " .
سألته : ولما هي في ذلك المكعب الأخضر ؟؟
فقال : لأن هناك طامعين أرادوا الحصول على هذه القوة فأخفاها إدريس عليه السلام هناك ،
فقلت : فأخبرني أكثر عنها وعن طيبة وعن إدريس عليه السلام وكيف أنت لازلت في ريعان الشباب؟؟
فقال : سأخبرك بكل شيء إن شاء الله طول مكوثك معنا هنا في طيبة ، ثم أتم حديثه وقال : الألواح الزموردية تقول أن إدريس أراد أن يحمل " القوة الخالدة " بعد وفاة آدم عليه السلام ويرفعها إلى السماء ، لكن " اللوغس " قوة عاقلة رفضت الصعود لأن رسالتها لم تكتمل بعد ، فتلاحم جزء منها مع روح إدريس حتى صارا روحا واحدة ، لذلك صار إدريس لا يطيق الأرض لأنها ضاقت به بسبب تلك القوة الهائلة فرفعه الله مكانا عليا ،
و النصف الآخر الذي ظل في الأرض انشطر إلى سبعة أجزاء في السماء الأولى ، الجزء الأول نزل في " مكة المكرمة " فصارت مباركة وفيها ماء زمزم المبارك ، والجزء الثاني نزل في " أرض طيبة " فصارت مباركة فجعل الله فيها الأنبياء و الأولياء ، ومن بركتها انبثق نهر النيل الجاري ، و الجزء الثالث جعله إدريس في خاتم وذاك الخاتم توارثه أولاد إدريس عليه السلام ،
و الجزء الرابع كان لنبي الله عيسى عليه السلام فكانت له الكلمة في إحياء الموتى و شفاء المرضى و خلق الطير من الطين فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ، ثم رفعه الله إليه ،
والجزء الخامس كان لسيدنا علي عليه السلام فأورثه الله العلوم الظاهرة و الباطنة وأعطاه قوة جبارة فورث منه " داود النبي " تلك القوة فكان يلين في يده الحديد و ورث " سليمان " داود وآتاه الله الحكمة وفصل الخطاب و علم منطق الطير وسخرت له الرياح و سخر له الجن و الإنس و الطير فهم يوزعون و كانت الشياطين مسخرة له و تخشى بطشه وعقابه ،
والسادس جعله في المكعب الأخضر وهو يختار أصحابه فمنه كانت بركات الأولياء ،
والسابع جعله إدريس في هذا المكعب الأخضر ،
لا يأخذه إلا إمام العصر و الزمان من أهل البيت المحمدي عليهم السلام فذاك حقه و نصيبه.
وتجتمع بقية هذه الأجزاء في آخر الزمان في إمام الزمان من أهل البيت وهو الإمام المهدي عليه السلام نفسه الذي من نصيبه الجزء السابع فيأخذ " البقية " وراثة فيظهر بالمعجزات الخارقة التي لم يرى مثلها ، لأنه صاحب الأمر ، فيكون " المختارون " من أصحاب الجزء السادس أصحابه بتلك البركة فيكونون " غالبون " " منصورون " بين يديه وبإذنه .
لذلك فالشياطين لا تستطيع أن تشرب من دم المباركين إلا قطرات محسوبة و إلا احترقوا،
وهم يتسلطون على الصغار لعدم المعرفة ، لأنهم غير محصنين من ذوويهم ، أو يتسلطون على الكبار ممن لا يحافظون على أذكارهم وصلاواتهم .
وهذه الهبة توراثها أحفاد إدريس عليه السلام، فكان فيهم المسلمون واليهود و المسيحيين عبر التاريخ
والغلبة كانت لأحفاد خاتم الأنبياء رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
يقول إدريس عليه السلام في 《 الألواح الزمردية 》 : إن هذه القوة هي كلمة الله ، والله خلق 《 كن فيكون 》
و جعل 《 فيكون 》 في الأرض وتوراثها عباده الصالحون من الأنبياء والمرسلين والصالحين من خلال إسم الله الأعظم الذي أطلعهم عليه ، وجعل 《 كن 》في السماء و اختصها الله لذاته ،
فكان أمر الجلالة 《 كن 》 في السماء وتنفيد الأمر في الأرض《 فيكون 》 .
وعندما رزق الله " إدريس " عليه السلام الذرية ، كانت ذريته تحمل ذاك السر الرباني من العلوم الذي أورثها لذريته،
وكانت ذريته لا تتزواج إلا مع أولاد العمومة التي تحمل نفس الدماء النورانية العرفانية ،
وبذلك صار هذا النسل مميزا و صار مقدسا ،
كلما حافظوا على نسلهم ورثوا تلك الهبة المميزة إلى الأحفاد لأنها هبة عظيمة من الله تنقل بهذا الشكل ، وكلما تزوجوا من غير نفس النسل قلت تلك الهبة و إن كانت موجودة لكنها تكون أقل و أضعف ،
و هذا كله اجتمع في نسل رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم من آبائه الذين ورثهم و أورث ابنته الصديقة " فاطمة الزهراء " و ورث " علي أمير المؤمنين وصيه " نصيبه كذلك عليهما السلام ، ويجتمع في خاتم الأئمة من آل محمد و علي ما تفرق في أجداده فيجيء ومعه نصيبه من كل الفروع والأجزاء من أمه و أبيه .
لذلك كانت الأشراف من أهل البيت عليهم السلام يحافظون على هذه الوصية كما وصى بها يعقوب بنيه ، و لذلك كان نسله عليه السلام يحرصون على الزواج من نفس العائلة لأنهم يعرفون هذا السر ويقدسون هذا النسل ، و لذلك يرفضون الزواج من خارج خط العائلة الكبيرة لأنه في اعتقادهم عندما يختلط أي دم من دمائهم مع غير دمهم يكون المولود بدون تلك الدماء المقدسة فلا يصير مباركا و لا يكون قديسا .
أما الخاتم الذي ورثه نبي الله سليمان عليه السلام،
فقد كان عند " ذي القرنين " عليه السلام من قبل ،
وأما ما يروج له بأن " الزوهريين " كما يطلق عليهم أنهم من أولاد الجن فهذا غلط ، والشرح فيه يطول .
الآن خدي قسطا من الراحة يا ابنتي وفي المساء نكمل حديثنا إن شاء الله .
.
.
انتهى الجزء الأول من هذه القصة والبقية تأتي .
..
أنتم هل تريدون إكمال الحديث أم يكفي هذا الجزء؟؟؟
بقلم : ريم الشاذلي
الجزء الأول
كثر القيل والقال في موضوع الزهوريين لدرجة أن الناس لم تعد تميز الحقيقة المؤكدة من التدليس المتعمد .
ماهي حقيقة الزهورين وروحانيتهم الخاصه ، كل من تكلم عن هذا الموضوع لم يسهب وتكلم بإيجاز أو خوف أو تخبط بدون معلومات كافية و وافية ، لذلك قررت أن يكون هذا الموضوع هو الأول من نوعه على شبكات العالم الأزرق من خلال روايتي القصيرة ،
" مرآة الزهوريين " .
سبب تسمية روايتي بهذا الإسم هو فقط لشهرته و كثرة تداوله على الألسن ، و لو اخترت لها عنوانا آخر لكان غريبا وغير مفهوما لكثيرين .
لذلك دعنا نتجرد من أفكارنا المسبقة لنعرف الحقيقة والحقيقة فقط .
فهل أنتم مستعدون؟؟؟؟؟؟؟
.《#مرآة_الزهوريين 》
.《الجزء الأول 》
هل تظن أنني مجنونة لأصدقك مرة أخرى و أذهب معك إلى ذلك العالم المقزز !!
لقد صدقتك مرة واحدة ، و اتضح لي أنك مجرد نكرة ،
أظن أنه جاء الوقت للتخلص من مخلوقات بشعة مثلك كي ترتاح الحياة برمتها ،
في هذه الأثناء دخلت " الأم " غرفة ابنتها " مايا " لتجدها تنظر لتلك المرآة وتكلم نفسها وهي تزمجر وقد كان الغضب باديا عليها .
سألتها باستغراب : من تكلمين يا عزيزتي ؟؟!!
فردت عليها : أكلم نفسي لعلها تنضبط ولا تنخدع مرة أخرى،
فقالت : ومن خدعك ، أنا لا أفهم شيئا إنك تقلقينني بهذا الكلام !!!
مايا : لا تقلقي يا أمي إنها مجرد مسرحية أتدرب عليها أظن أنني خدعتك ههههه .... إذا أنا ممثلة بارعة أليس كذلك ؟؟
فقالت لها : أكيد يا عزيزتي لقد صدقتك فعلا ، كاد قلبي يتوقف ، الحمد لله أنها مجرد مسرحية ، أنا متأكدة أنك ستنجحين .
ثم نظرت " مايا " في هذه اللحظة إلى المرآة وكأنها توجه نظراتها وكلماتها لشخص ما وقالت : أنا أعلم أنني سأنجح مهما كلفني الأمر إن لم يكن اليوم فغدا ، فالحياة مجرد مسرحية ،وهناك دائما ممثلون ومتفرجون و دائما ينسون أن هناك من هو خلف الستار يحرك ويلعب بالجميع ، لكن وقت العرض قد إنتهى .
بعدها نظرت إلى أمها وقالت : جيد أليس كذلك يا أمي؟؟
لتردف أمها قائلة : بل مذهل يا عزيزتي الجميلة إستمري سوف تنجحين بكل تأكيد سأتركك الآن تتدربين على مسرحيتك .
بعدما خرجت " أم مايا " من الغرفة عادت تكلم المرآة وهي تقول : إذا كانت عندك القدرة فاخرج إلى عالمي أيها المقزز .
.....و في تلك اللحظة خرج شخص غريب بشكله المخيف و المقيت وهو يصدر صوتا كفحيح الأفاعي ،
ما إن خرج من المرآة حتى أصبحت الغرفة ذات رائحة نتنة ،
وقف بطوله المقوس وقال : هل تظنين أنني سأخاف منك !! أو سأتركك تنجين بفعلتك أيتها الذكية !!
سأجعل حياتك جحيما و سأجعلك تتمنين الموت ،
إلا في حالة واحدة وهي أن توافقي على العرض الذي قدمته لك ،
لتردف " مايا " بكل ثقة وهي تقول : إسمع أيها المقزز سوف أجعلك أنت ومن معك تحترقون في قاع جهنم بدون رحمة ،
المخلوق المقزز : إذا لم تذهبي معي الآن سأحرق المنزل بمن فيه ....
ماهي إلا لحظات حتى صار المنزل يحترق ،وكأنه يحترق من ألف سنة وكأن النار ليست نارا بل جهنما على الأرض ،
كانت تسمع صرخات أمها و أخواتها نار ...نار ....إننا نحترق نحترق ،
لكن " مايا " كانت متأكدة أن كل هذا مجرد سحر تخييل و أن كل ما تراه ماهو إلا سحر من ذلك المخلوق الشيطاني ،
لكن فكرة أن يكون هذا الأمر حقيقة جعلها توافق على الذهاب معه حتى لا يتعرض أهلها لمكروه ،
وفعلا عندما وافقت على الذهاب توقفت الصرخات وتلك النار الحارقة .
دخلت " مايا " برفقة المخلوق الشيطاني إلى داخل المرآة ثم إلى عالم غريب ،عالم ( الشياطين الحمر ) ، كل شيء فيه أحمر ، سمائهم حمراء ، ترابهم جبالهم حمراء ، بيوتهم مبنية بطين أحمر مخلوقات بلونها الأحمر وكأن جلدها مسلوخ سلخا و التي لا تستطيع أن تميزها أحيانا عن طبيعة المكان،
خرجوا إلى ذلك الطريق المؤدي إلى قصر غريب بشكل هندسي عجيب لا تعرف رأسه من قاعدته وكأنه لا جاذبية في هذا المكان .
كان الجميع ينتظر قدوم " مايا " وكأنها ملكة وهم العبيد ،و كان يقول ذلك المخلوق المقزز : إن الملكة تنتظرك وهي غاضبة لأنك تأخرتي ،
بينما هم يتقدمون بخطوات مسرعة كان بالجانب الخلفي للقصر مخلوقات بشرية مقيدة من قبل الشياطين في حالة يرثى لها ،
حتى وصلوا لقاعة القصر التي تعكس مدى التعاسة التي يعيشونها هؤلاء الشياطن .
اقتربت " مايا " وسط الجموع الهائلة من تلك المخلوقات ، وبالرغم من أشكالهم المقرفة لم تلتفت إليهم وكأنها تعودت على هذه المناظر من سنين خلت .
بينما هي واقفة بثباث وصلت إلى مسامعها صرخات امرأة تجلس عل كرسيها في آخر القاعة وهي تقول : لقد تأخرت كثيرا سأجعلك تندمين على خدلانك لي ،
وفي هذه اللحظة اقترب مخلوق عملاق برأس كلب وعضلات مفتولة وأمسك يد " مايا " بقوة ثم أخرج خنجرا أسودا وجرح يدها اليمنى لتنزل بعض قطرات من دمها في كأس و كأنه قرن ثور و أعطاه " للملكة " التي كانت وكأنها مريضة ولا تقوى على الحراك ، و ما إن شربت ذلك الدم حتى تجدد الشباب لديها وصارت وكأنها فتاة في العشرين من عمرها ، ثم انتصبت من على الكرسي واتجهت نحو " مايا " مباشرة و بسرعة مهولة وهي تقول : لو تأخرت قليلا يا عزيزتي " مايا " لأمرتهم بقتل جميع عائلتك حرقا ،
نظرت إليها وهي تقول : و ما الذنب الذي اقترفته في حياتي ؟؟
لقد دمرتم حياتي ، دمرتم كل شيء جميل كنت أحلم به ،
سأجعلكم تدفعون الثمن جميعا ،
يوما ما سأمسحكم من على وجه الأرض حتى ترتاح منكم هذه الأمة،
لتردف قائلة تلك الشيطانة الحمراء وهي تلتوي
كالأفعى : عذرا منك يا عزيزتي لقد أخفتني
..لكن كل ذنبك أنك فريدة ولا أستطيع التفريط فيك و لا أحب ان أراك غاضبة فدمك ثمين،
هل ترين كل هؤلاء البشريين من الزوهريين ، دمهم ليس ثمينا كدمك ، نقطة واحدة من دمك يا عزيزتي تعيد لي الشباب والصبا و القوة الذي كنت أملكها منذ خمسة مليون سنة ، حتى نزل علينا عقاب سليمان لأننا عصيناه ، و منذ ذاك الحين فقدت قوتي وإن لم أشرب الدم أنا وفصيلاتي نندثر ،
لذلك لا أستطيع أن أعاقبك لأنك كنز ثمين،
نظرت إليها وقالت : أعلم أنني المخطئة لأنني صدقت ذلك المخلوق المقزز الذي بعثموه في صفة إنسان ،
لكن أنا متأكدة أن يوم فنائكم قريب لا محالة ، لتردف تلك الشيطانة الحمراء بكل تبجح : لقد تلاعبنا بجدك آدم الضعيف وجعلناه يعصي أمر ربه فكيف لا نستطيع التلاعب بكم و أنتم أضعف منه .
" مايا " : لقد مارستم الخداع طوال العقود الماضية ، لكن كوني متأكدة أن حسابكم سيكون عسيرا لا مفر ،
وإن كنتم تظنون أنكم غلبتم جدي" آدم " فأنتم مخطئون، فكله في كتاب مسطور، ماهو إلا قدر الله حتى نكون خلفائه في الأرض.
لتصرخ تلك الشيطانة بأعلى صوتها وهي تقول في أسى ممزوج بخبث و حقد : أعلم أنني سأحرق في جهنم ، لكن إلى ذلك الوقت سأخدع جميع الرجال إلا المحفوظون على سطح الأرض ، سأفتنهم بجمالي وسحري من خلال بنات حوآء حتى يقعوا في المعصية و المحرمات و الزنا .
........
.................
لم أعرفكم بنفسي بعد ، لقد نسيت !!
أنا " مايا " من المغرب " أنا إنسانة زوهرية كما يقولون ، أنا لم أكن أعرف ذلك ، كانت أول مرة أسمع هذا المصطلح من جني طيار عندما قال لي : إنتبهي لنفسك يا " مايا " لأنك مستهدفة ،
و دائما ما كنت أجرح نفسي بالخطأ حتى لو كان السبب بسيطا و يتطاير الدم من مكان الجرح كأن الهواء يلعب به ،
أتذكر في إحدى الأيام بينما كنت أشرب إنكسر الكأس في يدي بدون سبب !!
نزل الكثير من الدم في المطبخ ، عندما أخبرت أمي عن ذلك لم تجد ما أخبرتها به سوى قطرات صغيرة جدا رغم أن الجرح كان عميقا!!!
و دائما ما كنت أتهم أنني درامية و أحب تضخيم الأشياء رغم أن الحقيقة غير ذلك تماما،
وقد استغرق مني الأمر وقتا حتى أدركت أنني أحارب من قبل كائنات غيبية ، في كل مرة كنا نغير البيت بسبب حصول بعض الأمور الغريبة و الأصوات العالية التي لا نعرف مصدرها، و كنت أتعثر و أسقط أرضا بسبب أو بدون سبب على إثر ذلك وأجرح نفسي فينزل دم كثيف والذي يختفي بدون سبب ،
لذلك غيرنا المنزل أكثر من مرة حتى سئمنا من ذلك .
وفي أحد الأيام بينما كنت أخرج من بيت جدتي مساء بعد وقت المغرب ، جاءني رجل بينما كنت أمشي في الشارع، وأخبرني بأمور تحصل معي بالتفصيل مما جعلني أصدقه خصوصا و أنني كنت أعاني في صمت ، فصدقته بكل سذاجة ، قال : إن هناك مخلوقات تحاربك ،
وأعطاني شيئا غريبا لونه أسود لأرشه في المنزل حتى نتخلص من الطاقة السلبية الشيطانية،
ثم سألني هل عندكم مرآة كبيرة في المنزل؟؟
فقلت له : نعم ... للصدفة فإن المنزل الذي انتقلنا إليه كان به مرآة على طول القامة في غرفة الملابس ،
ليردف ذلك الرجل الغريب بهيئته المقوسة قائلا : إذا إمسحي هذا الرماد على تلك المرآة وقولي هذه الجملة و كوني متأكدة أنك ستكونين بخير ،
سألته من أنت؟؟
قال : أنا فاعل خير .
لكن للأسف كانت مجرد مكيدة ،و كان ذاك سحرا أسودا وأنا فعلته بنفسي لنفسي و أبطلت تحصين المنزل بذلك ، و ما إن غابت الشمس حتى رأيت المنزل يعج بمخلوقات مخيفة وغريبة و كلها تخرج من تلك المرآة التي مسحت عليها بتلك المادة ، مما أوصلني ذلك إلى المستشفى وسبب لي صدمة نفسية مما شهدته .
عرفت فيما بعد أن الشياطن كانت تدفع فئة معينة من الجن المتشيطن الخادم لهم حتى تقوم بأعمال معينة في المنزل حتى أصل لنقطة الاستسلام و التصديق بكل شيء ، لقد كانت مؤامرة مخطط لها كما عرفت بعد ذلك .
كان عمري 15 سنة وقتها ، عودي كان أخضرا كما يقولون ،وكنت أصدق كل شيء يقال لي و لم تكن عندي خبرة كافية ، أما اليوم فقد وصلت إلى مرحلة وكأن الكون انطوى بداخلي و صرت أرى باطن الشخص قبل ظاهره و أقرأ أفكاره قبل أن يتحدث بها ، وصارت بصيرتي قوية و فراستي صادقة لا تكذبني و خبرتي لا تخذلني .
عانيت الكثير في تلك المرحلة ، وأنا إنسانة خجولة إنطوائية .. قليلة الكلام .. أكره المناسبات و الأماكن المزدحمة ..أحب العزلة وتفريغ الطاقة من خلال الرسم ،
أعرف ما سيحصل قبل حصوله ، و أرى مخلوقات غير بشرية ،
لكن في كل مرة كان يطلب مني الذهاب إلى العالم الأحمر لتشرب الملكة قطرات من دمي والذي كان محرما على من معها من الخدام إلا عن أخواتها و أولادها الذين لا يشبعون من دمي ، حتى أصيبت بالأنيمية ، وصار يغمى علي في كل مكان .
أتذكر أنه في تلك الليلة التي خرجت فيها من المستشفى كنت أتمنى ألا أعود إلى ذلك المنزل لأنه صار كبوسا حقيقيا،
رفعت رأسي إلى السماء وقلت :
هل من خلاص يا الله ؟؟؟
هل تسمعني ؟
هل هناك أمل ؟؟
هل هذا إبتلاء أم عقاب ؟؟
هل تحبني يا الله أم تعذبني ؟؟
لماذا يحصل معي كل هذا ؟
ألهذه الدرجة أنا لا أساوي شيئا عندك ؟؟
تلك الليلة كانت مختلفة ، مختلفة تماما .
زارني فيها أشخاص لا أعرفهم و كلهم ملثمون ، ومعهم رجال من جنود الملك الأبيض من الجن الطاهر ، و اقترب مني رجل يرتدي رداء أخضر ، وقال : لعل ما مررت به كان درسا لك ، وحتى تستطيعين مساعدة غيرك ، لأنك بهذا أصبحت لديك خبرة أكثر .
اقترب مني وقال : أظن أنه حان الوقت طالما عزمت بيقين .
سألته : من أنت ؟؟
فأردف قائلا : أنا جدك .
يا إلهي إنها صدمة فعلا جدي في العشرين من عمره ،
في تلك اللحظة إنتقلنا من عالم الشهادة إلى عالم مختلف،
سألته أين نحن الآن ؟؟
فقال : نحن في مدينة طيبة نحن في البعد الآخر ، بالضبط تحت الأهرامات في مصر .
يا إلهي إنها مدينة مترامية الأطراف باخضرارها وجمالها وأنهارها الجارية و بيوتها و أهراماتها من الكريستال وطرقاتها التي كأنها صرح ممرد من قوارير ،
و عندهم شمس كشمسنا وسماء كسمائنا إلا أنها شديدة الصفاء ، و ترى الطير والملائكة فيها وهي تطير وتغرد بصوت عذب جميل ، الجميع يلقي السلام حتى الطير
و الشجر .
مشينا حتى وصلنا إلى " مكعب ضخم " أخضر اللون وكأنها " الكعبة المشرفة " ، وسط أرض طيبة مباركة وقد كان عليها من الحراس ما لا يحصى ، عندما اقتربنا نظر إلي من قال أنه جدي ثم قال : انتظريني هنا مع الجنود ، ثم طلب الإذن ودخل لوحده ثم خرج وبيده " قلادة " ذات حجر أخضر بداخلها ، وكأنها ""نهر جاري " و ذاك النهر كأنه يصب في بحر و ذاك البحر كأنه يصب في كتاب وذاك الكتاب كأنه يصب في قلم .
كان مذهلا ما رأيت بكل ما تحمله الكلمة من معنى، شيء لا يصدق ، ثم اقترب مني وقال : إلبسي هذه القلادة ، و ما أن لبستها حتى تملكتني طاقة عجيبة وشعت تلك القلادة شعاعا يعمي الأبصار ثم انفتح قلبي إلى نصفين واختفت " الجوهرة بقلادتها " بداخله وعاد القلب الى ما كان عليه .
بعدها نمت و لم أستيقظ إلا في اليوم التالي ، وعندما سألته ماذا حصل ، قال لي : أن طاقة القلادة قوية وأن هذا أمر طبيعي ، فسألته : و ماهذه القلادة ؟؟
فقال :
إنها " القوة الخالدة " أو كما يطلقون عليها في الأرض
" اللوغوس" يا عزيزتي ، و جزء صغير منها فقط في قلادتك ،
إنها طاقة ليست لها حدود ، و كانت عند جدنا آدم عليه السلام و نزلت معه للأرض بفضل الله ثم أورثها إلى إدريس عليه السلام ،
" اللوغس " كما يطلقون عليها هي من تختار أصحابها حيث ما كانوا في هذه الأرض ، لأن جزء بسيطا ظل في دماءهم يتوراثونه من نسل جدهم النبي إدريس عليه السلام ، لذلك فدمهم مقدس عند المخلوقات الحامية ، ويتقاتلون من أجل دماء هذه الفئة ، لأنها " الكلمة النافذة " .
سألته : ولما هي في ذلك المكعب الأخضر ؟؟
فقال : لأن هناك طامعين أرادوا الحصول على هذه القوة فأخفاها إدريس عليه السلام هناك ،
فقلت : فأخبرني أكثر عنها وعن طيبة وعن إدريس عليه السلام وكيف أنت لازلت في ريعان الشباب؟؟
فقال : سأخبرك بكل شيء إن شاء الله طول مكوثك معنا هنا في طيبة ، ثم أتم حديثه وقال : الألواح الزموردية تقول أن إدريس أراد أن يحمل " القوة الخالدة " بعد وفاة آدم عليه السلام ويرفعها إلى السماء ، لكن " اللوغس " قوة عاقلة رفضت الصعود لأن رسالتها لم تكتمل بعد ، فتلاحم جزء منها مع روح إدريس حتى صارا روحا واحدة ، لذلك صار إدريس لا يطيق الأرض لأنها ضاقت به بسبب تلك القوة الهائلة فرفعه الله مكانا عليا ،
و النصف الآخر الذي ظل في الأرض انشطر إلى سبعة أجزاء في السماء الأولى ، الجزء الأول نزل في " مكة المكرمة " فصارت مباركة وفيها ماء زمزم المبارك ، والجزء الثاني نزل في " أرض طيبة " فصارت مباركة فجعل الله فيها الأنبياء و الأولياء ، ومن بركتها انبثق نهر النيل الجاري ، و الجزء الثالث جعله إدريس في خاتم وذاك الخاتم توارثه أولاد إدريس عليه السلام ،
و الجزء الرابع كان لنبي الله عيسى عليه السلام فكانت له الكلمة في إحياء الموتى و شفاء المرضى و خلق الطير من الطين فينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ، ثم رفعه الله إليه ،
والجزء الخامس كان لسيدنا علي عليه السلام فأورثه الله العلوم الظاهرة و الباطنة وأعطاه قوة جبارة فورث منه " داود النبي " تلك القوة فكان يلين في يده الحديد و ورث " سليمان " داود وآتاه الله الحكمة وفصل الخطاب و علم منطق الطير وسخرت له الرياح و سخر له الجن و الإنس و الطير فهم يوزعون و كانت الشياطين مسخرة له و تخشى بطشه وعقابه ،
والسادس جعله في المكعب الأخضر وهو يختار أصحابه فمنه كانت بركات الأولياء ،
والسابع جعله إدريس في هذا المكعب الأخضر ،
لا يأخذه إلا إمام العصر و الزمان من أهل البيت المحمدي عليهم السلام فذاك حقه و نصيبه.
وتجتمع بقية هذه الأجزاء في آخر الزمان في إمام الزمان من أهل البيت وهو الإمام المهدي عليه السلام نفسه الذي من نصيبه الجزء السابع فيأخذ " البقية " وراثة فيظهر بالمعجزات الخارقة التي لم يرى مثلها ، لأنه صاحب الأمر ، فيكون " المختارون " من أصحاب الجزء السادس أصحابه بتلك البركة فيكونون " غالبون " " منصورون " بين يديه وبإذنه .
لذلك فالشياطين لا تستطيع أن تشرب من دم المباركين إلا قطرات محسوبة و إلا احترقوا،
وهم يتسلطون على الصغار لعدم المعرفة ، لأنهم غير محصنين من ذوويهم ، أو يتسلطون على الكبار ممن لا يحافظون على أذكارهم وصلاواتهم .
وهذه الهبة توراثها أحفاد إدريس عليه السلام، فكان فيهم المسلمون واليهود و المسيحيين عبر التاريخ
والغلبة كانت لأحفاد خاتم الأنبياء رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
يقول إدريس عليه السلام في 《 الألواح الزمردية 》 : إن هذه القوة هي كلمة الله ، والله خلق 《 كن فيكون 》
و جعل 《 فيكون 》 في الأرض وتوراثها عباده الصالحون من الأنبياء والمرسلين والصالحين من خلال إسم الله الأعظم الذي أطلعهم عليه ، وجعل 《 كن 》في السماء و اختصها الله لذاته ،
فكان أمر الجلالة 《 كن 》 في السماء وتنفيد الأمر في الأرض《 فيكون 》 .
وعندما رزق الله " إدريس " عليه السلام الذرية ، كانت ذريته تحمل ذاك السر الرباني من العلوم الذي أورثها لذريته،
وكانت ذريته لا تتزواج إلا مع أولاد العمومة التي تحمل نفس الدماء النورانية العرفانية ،
وبذلك صار هذا النسل مميزا و صار مقدسا ،
كلما حافظوا على نسلهم ورثوا تلك الهبة المميزة إلى الأحفاد لأنها هبة عظيمة من الله تنقل بهذا الشكل ، وكلما تزوجوا من غير نفس النسل قلت تلك الهبة و إن كانت موجودة لكنها تكون أقل و أضعف ،
و هذا كله اجتمع في نسل رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم من آبائه الذين ورثهم و أورث ابنته الصديقة " فاطمة الزهراء " و ورث " علي أمير المؤمنين وصيه " نصيبه كذلك عليهما السلام ، ويجتمع في خاتم الأئمة من آل محمد و علي ما تفرق في أجداده فيجيء ومعه نصيبه من كل الفروع والأجزاء من أمه و أبيه .
لذلك كانت الأشراف من أهل البيت عليهم السلام يحافظون على هذه الوصية كما وصى بها يعقوب بنيه ، و لذلك كان نسله عليه السلام يحرصون على الزواج من نفس العائلة لأنهم يعرفون هذا السر ويقدسون هذا النسل ، و لذلك يرفضون الزواج من خارج خط العائلة الكبيرة لأنه في اعتقادهم عندما يختلط أي دم من دمائهم مع غير دمهم يكون المولود بدون تلك الدماء المقدسة فلا يصير مباركا و لا يكون قديسا .
أما الخاتم الذي ورثه نبي الله سليمان عليه السلام،
فقد كان عند " ذي القرنين " عليه السلام من قبل ،
وأما ما يروج له بأن " الزوهريين " كما يطلق عليهم أنهم من أولاد الجن فهذا غلط ، والشرح فيه يطول .
الآن خدي قسطا من الراحة يا ابنتي وفي المساء نكمل حديثنا إن شاء الله .
.
.
انتهى الجزء الأول من هذه القصة والبقية تأتي .
..
أنتم هل تريدون إكمال الحديث أم يكفي هذا الجزء؟؟؟
بقلم : ريم الشاذلي
بتاريخ 2 يوليو 2020
تعليقات
إرسال تعليق