رواية " قطتي السوداء الملعونة " الجزء الثاني
. . . . . "قطتي السوداء الملعونة "
. . . . " حوار مع " سالكوموس "
. . . . . وأنواع المخلوقات الحرارية
. . . . . . رواية
. . . . . . الجزء الثاني
لم أكن أعلم أنهم يتحكمون في عقول البشر وسلوكياتهم بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب !!
هذا العالم كان بعيدا عني كل البعد لم أفكر فيه ولم أبحث عنه ، هذا العالم اقتحم حياتي عنوة، سلب النوم من عيني ، وشغل عقلي ، وجعل حياتي تنقلب رأسا على عقب، مرعب ما عشته ومخيف ما علمته !!
لقد رأيتهم بأم عيني كيف يتحكمون فيهم عن بعد كجهاز التلفاز !! كيف يجعلونهم يقومون بتلك الأعمال القذرة !!
إنهم على اتفاق مع أجهزة مخابرات عالمية .
انا حقا مصدوم إنه عالم مخيف كيف يقتلون بعضهم بكل برودة دم بدون أن يطرف لهم جفن ؟!!
لم أكن أعلم أن نسلهم مختلط مع بني البشر !!
لم أكن أعلم أنهم يتحكمون في شريحة كبيرة جدا من رجال السياسة والدين !!
لا ...لا...لا يعقل يا إلهي أين نحن ؟؟
أين نعيش ؟؟ أي عالم هذا العالم ؟؟
أيعقل أنه كوكب الأرض الذي نعيش فيه ؟؟
كيف لم نعلم بوجود كل هذه الأسرار وهي أمام أعيننا طوال الوقت ؟؟ أربعة وعشرين ساعة ؟؟!!
هل يعقل أننا أصبحنا لا نبصر ولا نفقه شيئا ؟؟
هل يعقل كل تلك الوثائق والمخطوطات بين أيديهم يعرفون حقها ويقدرونها تقديرا ،
بينما نحن لا نقدر ولا نفهم ، حقا نحن حفنة من الأغبياء المتغطرسين .
يا إلهي دخلت صلب الموضوع مرة أخرى اعذروني ،
رأسى سينفجر وكأنني في عالم غير عالمنا !!
سوف أحتسي رشفة من فنجان القهوة التي أصبحت ضمن طقوسي اليومية لأكمل لكم الحكاية الناقصة ،
أعلم أنكم فضوليون وتحبون كل ماهو خطير وسري للغاية ، إنها النفس البشرية " يا سادة " تحب المخاطرة رغم أن الخوف يقتلها، و تحب خوض المجهول ،
لا أعرف كأنني صرت شاعرا أو فيلسوفا مع العلم أنني لم أكن هكذا من قبل !! وكأن من يدخل عالم الخفاء يصير مجنونا أو فيلسوفا .
في تلك الليلة لولا تدخل " سالكوموس " و إنقاذها لي من تلك المخلوقات العجيبة لكنت ميتا لا محالة ، ولقالوا عني في كل جرائد مدينة " تطوان " بالعنوان العريض : " شاب ينتحر في العشرين من عمره بشنق نفسه " !!
كم من حالة سمعت عنها في مدينتي تقول أن فلانا قتله " الجن " وجعلوه يشنق نفسه أو يرمي نفسه من الدور الثامن أو العاشر ،
نحزن على موت الشباب في مقتبل العمر ولكن نضحك على منطق الجهل الذي عند البعض ، مستهزئين كيف يستطيع " الجن " أن يقتل إنسانا ؟؟
هذا في حالة أننا صدقنا أنهم موجودون أساسا ؟؟!!
أيعقل أن نصدق مثل هذه الخرافات و الخزعبلات؟؟!!
لكن اليوم فقط عرفت كيف يستطيعون التحكم فيهم !!
وكيف يجعلونهم كلعبة صغيرة بين أيديهم !!
دائما كنت أسمع " أمي " تقول أن مدينة " تطوان " هي عبارة عن بوابات للعالم السفلي وعالم باطن الأرض لذلك تجد أغلبية سكانها مجانين أو مجاديب !! هذا الحديث كان يضحكني و لم أكن أعره أي إهتمام لأن أمي إمرأة جاهلة ، خصوصا بعد اختفاء أبي المفاجئ منذ ما يقارب العشر سنوات، كنت أقول في نفسي أمي امرأة جاهلة تؤمن بالخزعبلات ،وقد يكون ناتجا أيضا عن صدمة نفسية جعلتها تصدق مثل هذه التفاهات بسب فقدان الزوج .
لكن اليوم أعترف أنني الجاهل على الحقيقة للأسف ،
لنكمل حكايتنا إذا . . لأنني أرى تلك اللهفة التي تسيطر عليكم وذلك الفضول لمعرفة المزيد عن عالم الخفاء ،
تلك الليلة كانت فارقة معي في كل شيء ،
فكما قلت لكم لولا " سالكوموس " لكنت اليوم بين الأموات ، ذهب الجميع ليلتها ماعدا تلك المرأة التي اقتربت مني بكل هدوء وأردفت قائلة : لا تخف " يا فؤاد " لا أحد يستطيع أن يؤدي شعرة من رأسك ،
التفتت إليها في محاولة مني لمعرفة وإدراك ما يدور حولي ، لقد كانت إمرأة طويلة القامة وقد وصل طولها متران والنصف تقريبا ، كثيفة شعر الرأس لدرجة أنه كان يغطي وجهها ، ذات بشرة زرقاء وعيون كبيرة مدورة خضراء لامعة ، بأنف صغير حوله حلقة وشفتان لا نستطيع قول عنهم أنهم " شفتان " كما عند البشر ، لأن شفتاها فقط خط صغير في منتصف الوجه يدل على أنه" فم " ، لم تكن ساحرة الجمال ولا مخيفة الوجه ، كانت متوسطة الجمال ، أما الباقي من الذين كانوا يطالبون بقتلي ، كان طولهم يصل إلى ثلاثة أمتار تقريبا ، ضخام البنية ببشرة زرقاء وعيون كبيرة وأنف صغير حوله حلقة ، لهم فم كفم الذئاب ولهم أنياب كبيرة وكل واحد منهم حول فمه من خمسة إلى سبعة حلقات صغيرة ، ليس لهم شعر رأس أو وجه !!
ولهم ست صوابع ، عضلات مفتولة قوية يغطيها الوشم على هيئة جماجم وأفاعي ، لباسهم مختلف عنا أو عما نراه على شاشات التلفاز في أفلام الخيال العلمي، لذلك لا أعرف كيف أفسر لباسهم العجيب ،!!
كنت مستغربا من أشكالهم وخلقتهم العجيبة !!
ولم أنسى تلك الجملة التي قالها أحدهم ل" سالكوموس " وهو يغادر على أنها تشبه أمها التي جلبت لهم العار!!
بينما " سالكوموس " تحدثني وتقول: أنا لست هنا لأذيك أو ألحق بك الضرر ، أنا هنا لأنني أحبك !!
نظرت إليها نظرة استغراب وقلت لها وكيف تحبين بشري من " طين متعفن " ؟؟!!
في ذات الوقت كنت أسخر من نفسي لطالما كنت أسمع عن حكايات " الجن والعفاريت " رغم عدم تصديقي لمثل هذه الخرافات ، إلا أنني كنت أقول في نفسي جيد أن تظهر لي جنية ذات حسن وجمال وقد ممشوق وعيون زرقاء وشعر أشقر، لكن على ما يبدو أن القدر كان له كلمته الفاصلة في هذا الموضوع .
هنا نظرت إلي " سالكوموس " نظرة عجيبة وكأنها تسمع كل ما يجول في خاطري، لتردف قائلة مع بابتسامة : " أولا " آسفة لأنني خيبت ظنك ولكن أنا أحب الوضوح ، لا يعجبني من يتلاعب بمشاعر البشر بأشكال يتشكلون عليها تخالف حقيقتهن ، هذه حقيقتي وهذا شكلي وأستطيع أن أتخذ أي شكل أريد لكنني تربيت على الوضوح والصراحة ، هذا لا يعني أن الجميع شكلهم مثلي ، فهناك من هم أجمل مني بكثير ، لكنني أعد بين قومي " الحن " امرأة جميلة .
في تلك اللحظة شعرت بالخجل من نفسي و من تفكيري الضيق و نظرتي السطحية للأشياء؟؟
على الأقل كانت صريحة معي و واضحة ، أفضل من بعض البنات اللواتي أعرفهن في الجامعة يضعن طنا من المكياج وعندما تسألهن هل هذا جمالك الحقيقي ، تنظر إليك باحتقار وهي تجيب : نعاااام ، هذه حقيقتي وهذا جمالي أيها الغبي المخنت ، بينما إذا صادفتها في إحدى شوارع الحي تظن أنك صادفت أخاها الكبير ههههه لانعدام الأنوثة ، حقا هذا المكياج سحر بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
هنا أردفت قائلة : " فؤاد " أرجوك أوقف التفكير لا أستطيع أن أكمل حديثي وسط هذا الصخب الذي بداخلك، أنصت إلي جيدا ، ونقطة أخرى : لا تهتم لكلام قومي في لحظة غضب ،
فقلت لها لقد كان يعني ما يقول وكان الحقد ظاهرا في عينيه !!
سكتت لحظة واقتربت مني وقالت : انظر ، نحن قوم " الحن " لنا تاريخ طويل مع البشر ، تاريخ مليئ بالدم والثأر والإنتقام ، ليس كل " الحن " ولكن ثلث منهم لا يحبون أولاد " آدم " ولا يفقهون حديثهم ولا يؤمنون بأنبيائهم ولا رسلهم ، وثلت منهم صار يحمل جيناتهم وصار " آدم " جدا لهم أيضا ،
قطعت حديثها متسائلا : كيف لم أفهم جينات ماذا ؟؟
فقالت بعد أن نزل " آدم وحواء " إلى الأرض هاجت الأرض وماجت على خلق " آدم " الذي سوف يحكمهم ويصبح خليفة في الأرض على جميع المخلوقات ، قبل نزوله كان إبليس قد أشعل نار الفتنة والحقد في قلوب المخلوقات الأخرى ممن كانوا في الأرض أنذاك ، أخبرهم أنه سينزل من السماء مخلوق خلق من طين الأرض التي نمشي عليها ، ليحكمنا ، بينما نحن أولى بالحكم والرشاد ، كيف نرضاها لأنفسنا ونحن أزكى المخلوقات وأعظمها ، و نحن أعظم شأنا ، خلقنا من نار ، وخلق من طين .
هنا سألتها ماذا كان يقصد أحد من قومك عندما قال : نحن خلقنا من نار باردة ؟؟
فقالت : نعم نحن قوم " الحن " خلقنا من نار باردة وهي نار " زرقاء " لا تحرق ولا تؤذي ، وهناك من خلق من " نار بنفسجية " وهم قوم " البن "، لا باردة ولا حارقة بين ذاك وذاك ، وهناك من خلق من " نار خضراء " وهم قوم "المن " ، وهناك قوم " السين " الذين خلقهم الله من " بياض النار " ، هؤلاء كانو عرضة للقتل من قبل المخلوقات الأخرى بعد المعارك الطاحنة التي كانت فوق الأرض ، هم أول من اتخذ باطن الأرض سكنى لهم ولذريتهم بعيدا عن سفك الدم ، و " قوم الجن " خلقوا من نار المحبة والغيرة وهي نار لا تحرق جمعت بين " اللونين الأصفر والأخضر " ، وهي من أجود النيران وأصفاهم ، يقال أن آدم به جزء من هذه النار في تكوينه ، لذلك هم أقرب إليهم منا نحن ومن الأقوام الأخرى ، ويتشاركون في نقطة مهمة بالنسبة لهم ألا وهي " الحب والعشق حتى الجنون " .
هذا عن " آدم والجن " .
• أما الشياطين من جنس إبليس فخلقوا من نار "حمراء حامية " ، وهي نار تحرق الأخضر واليابس لا تعرف الرحمة ولا الشفقة .
• وهناك من خلق من " نار سوداء " وهؤلاء أعظمهم شرا وحقدا، وهؤلاء تزوج إبليس منهم وصاهرهم ، وصار لهم بنين وبنات ، ويلدون في كل ساعة لا يتوقفون عن ذلك حتى يفوق عددهم أعداد من في الأرض والسماء على حد مزاعمهم .
• ونحن أقوام وعشائر كل جد يرى من أحفاده ألف ألف حفيد وهو لايزال يحرث أرضه ويتزوج العذراء ،نحن نعيش كثيرا وننجب كثيرا ،
هذا عدا عن المخلوقات الأخرى التي لا يسعني الوقت لعدها أو شرحها ،
لكنني أعدك أنني سأشرح لك كل الأمور الخفية ، وسأخذك معي إلى تلك العوالم بعدما نتزوج ،
قاطعت حديثها بعدما نطقت كلمة " زوج " وأعدت سؤالي عليها قائلا : وما دخل هذا بالجينات ؟؟؟ و كأنني أحاول تغير الموضوع دون أن نتعمق في موضوع الزواج هذا الذي لم أكن أفكر فيه حتى من إنسية فكيف من جنية !!
وفي نفس الوقت لم أخفي انبهاري وتعجبي من ألوان النار التي نستعملها كل يوم بل كل ساعة دون أن ننتبه لهاته الألوان العجيبة !!
بينما أنا أسألها وفي نفس الوقت كان عقلي المسكين يجول في كل هذه المعلومات والمتاهات التي فاقت حدود فهمي ،
أردفت قائلة: هناك من آمن " بآدم " و ولده وهناك من كرهه كرها ليس كمثله شيء ، ومن هنا جاءت " فكرة الشيطان الرجيم " وخطته حول إيجاد مخلوقات جديدة تجمع بين جينات " آدم "وجينات " الحن " والمن " والبن " في تحدي " للخالق ، خطة توصلهم حكم أولاد " آدم " في المستقبل ، ومن جهة أخرى يستطيع معرفة جينات و صفة تكوين " آدم " وكيف تعمل طاقاتهم الجسدية والعقلية والفكرية والروحية ؟؟ و كيف يفكرون؟؟ كيف يعمل عقلهم وهل له صلة مباشرة مع الخالق؟؟ أم أن القلب هو المفتاح وهو همزة الوصل مع خالقهم ؟؟ أم هي تلك الروح الدافئة التي نراها كيف تشيع في الأرض والسماء ؟؟
هناك أسئلة كثيرة وهم يريدون معرفة كل شيء حتى يستطعوا التحكم في نسل " آدم "، وهو ما رفضه مخلوقات " الجن " من أولاد " جان " و لم يوافقوا على دخول هذه الحرب ضد " آدم " و أولاده ، وكانوا يقولون عنها " أنها حرب خاسرة : ، لذلك عمد " الأباليس " ومن معهم في " الخطة " إلى شن حربا كبيرة على " الجن " قصد تشويه سمعتهم و تصويرهم في صورة " الشياطين والأعداء " ، لكن الحقيقة كانت غير ذلك ،
...هنا خطر على بالي سؤال طالما تردد في عقلي وهو أنه طالما هؤلاء المخلوقات الحرارية خلقت من نار فلماذا لا أرى النار في جسدك ؟!!
لتردف قائلة : وهي تضحك كيف تسأل مثل هذا السؤال الغبي؟؟
ألست مخلوقا بشريا ؟؟ إذا أين التراب !! ولماذا لا يتساقط التراب من جسدك ؟؟
حقا أنتم البشر تضحكونني بمنطقكم العجيب وطريقة تفكيركم ،
( إلى اللقاء حتى الجزء الثالث )
بقلم : ريم الشاذلي
.
.بتاريخ 22 مارس 2020
. . . . " حوار مع " سالكوموس "
. . . . . وأنواع المخلوقات الحرارية
. . . . . . رواية
. . . . . . الجزء الثاني
لم أكن أعلم أنهم يتحكمون في عقول البشر وسلوكياتهم بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب !!
هذا العالم كان بعيدا عني كل البعد لم أفكر فيه ولم أبحث عنه ، هذا العالم اقتحم حياتي عنوة، سلب النوم من عيني ، وشغل عقلي ، وجعل حياتي تنقلب رأسا على عقب، مرعب ما عشته ومخيف ما علمته !!
لقد رأيتهم بأم عيني كيف يتحكمون فيهم عن بعد كجهاز التلفاز !! كيف يجعلونهم يقومون بتلك الأعمال القذرة !!
إنهم على اتفاق مع أجهزة مخابرات عالمية .
انا حقا مصدوم إنه عالم مخيف كيف يقتلون بعضهم بكل برودة دم بدون أن يطرف لهم جفن ؟!!
لم أكن أعلم أن نسلهم مختلط مع بني البشر !!
لم أكن أعلم أنهم يتحكمون في شريحة كبيرة جدا من رجال السياسة والدين !!
لا ...لا...لا يعقل يا إلهي أين نحن ؟؟
أين نعيش ؟؟ أي عالم هذا العالم ؟؟
أيعقل أنه كوكب الأرض الذي نعيش فيه ؟؟
كيف لم نعلم بوجود كل هذه الأسرار وهي أمام أعيننا طوال الوقت ؟؟ أربعة وعشرين ساعة ؟؟!!
هل يعقل أننا أصبحنا لا نبصر ولا نفقه شيئا ؟؟
هل يعقل كل تلك الوثائق والمخطوطات بين أيديهم يعرفون حقها ويقدرونها تقديرا ،
بينما نحن لا نقدر ولا نفهم ، حقا نحن حفنة من الأغبياء المتغطرسين .
يا إلهي دخلت صلب الموضوع مرة أخرى اعذروني ،
رأسى سينفجر وكأنني في عالم غير عالمنا !!
سوف أحتسي رشفة من فنجان القهوة التي أصبحت ضمن طقوسي اليومية لأكمل لكم الحكاية الناقصة ،
أعلم أنكم فضوليون وتحبون كل ماهو خطير وسري للغاية ، إنها النفس البشرية " يا سادة " تحب المخاطرة رغم أن الخوف يقتلها، و تحب خوض المجهول ،
لا أعرف كأنني صرت شاعرا أو فيلسوفا مع العلم أنني لم أكن هكذا من قبل !! وكأن من يدخل عالم الخفاء يصير مجنونا أو فيلسوفا .
في تلك الليلة لولا تدخل " سالكوموس " و إنقاذها لي من تلك المخلوقات العجيبة لكنت ميتا لا محالة ، ولقالوا عني في كل جرائد مدينة " تطوان " بالعنوان العريض : " شاب ينتحر في العشرين من عمره بشنق نفسه " !!
كم من حالة سمعت عنها في مدينتي تقول أن فلانا قتله " الجن " وجعلوه يشنق نفسه أو يرمي نفسه من الدور الثامن أو العاشر ،
نحزن على موت الشباب في مقتبل العمر ولكن نضحك على منطق الجهل الذي عند البعض ، مستهزئين كيف يستطيع " الجن " أن يقتل إنسانا ؟؟
هذا في حالة أننا صدقنا أنهم موجودون أساسا ؟؟!!
أيعقل أن نصدق مثل هذه الخرافات و الخزعبلات؟؟!!
لكن اليوم فقط عرفت كيف يستطيعون التحكم فيهم !!
وكيف يجعلونهم كلعبة صغيرة بين أيديهم !!
دائما كنت أسمع " أمي " تقول أن مدينة " تطوان " هي عبارة عن بوابات للعالم السفلي وعالم باطن الأرض لذلك تجد أغلبية سكانها مجانين أو مجاديب !! هذا الحديث كان يضحكني و لم أكن أعره أي إهتمام لأن أمي إمرأة جاهلة ، خصوصا بعد اختفاء أبي المفاجئ منذ ما يقارب العشر سنوات، كنت أقول في نفسي أمي امرأة جاهلة تؤمن بالخزعبلات ،وقد يكون ناتجا أيضا عن صدمة نفسية جعلتها تصدق مثل هذه التفاهات بسب فقدان الزوج .
لكن اليوم أعترف أنني الجاهل على الحقيقة للأسف ،
لنكمل حكايتنا إذا . . لأنني أرى تلك اللهفة التي تسيطر عليكم وذلك الفضول لمعرفة المزيد عن عالم الخفاء ،
تلك الليلة كانت فارقة معي في كل شيء ،
فكما قلت لكم لولا " سالكوموس " لكنت اليوم بين الأموات ، ذهب الجميع ليلتها ماعدا تلك المرأة التي اقتربت مني بكل هدوء وأردفت قائلة : لا تخف " يا فؤاد " لا أحد يستطيع أن يؤدي شعرة من رأسك ،
التفتت إليها في محاولة مني لمعرفة وإدراك ما يدور حولي ، لقد كانت إمرأة طويلة القامة وقد وصل طولها متران والنصف تقريبا ، كثيفة شعر الرأس لدرجة أنه كان يغطي وجهها ، ذات بشرة زرقاء وعيون كبيرة مدورة خضراء لامعة ، بأنف صغير حوله حلقة وشفتان لا نستطيع قول عنهم أنهم " شفتان " كما عند البشر ، لأن شفتاها فقط خط صغير في منتصف الوجه يدل على أنه" فم " ، لم تكن ساحرة الجمال ولا مخيفة الوجه ، كانت متوسطة الجمال ، أما الباقي من الذين كانوا يطالبون بقتلي ، كان طولهم يصل إلى ثلاثة أمتار تقريبا ، ضخام البنية ببشرة زرقاء وعيون كبيرة وأنف صغير حوله حلقة ، لهم فم كفم الذئاب ولهم أنياب كبيرة وكل واحد منهم حول فمه من خمسة إلى سبعة حلقات صغيرة ، ليس لهم شعر رأس أو وجه !!
ولهم ست صوابع ، عضلات مفتولة قوية يغطيها الوشم على هيئة جماجم وأفاعي ، لباسهم مختلف عنا أو عما نراه على شاشات التلفاز في أفلام الخيال العلمي، لذلك لا أعرف كيف أفسر لباسهم العجيب ،!!
كنت مستغربا من أشكالهم وخلقتهم العجيبة !!
ولم أنسى تلك الجملة التي قالها أحدهم ل" سالكوموس " وهو يغادر على أنها تشبه أمها التي جلبت لهم العار!!
بينما " سالكوموس " تحدثني وتقول: أنا لست هنا لأذيك أو ألحق بك الضرر ، أنا هنا لأنني أحبك !!
نظرت إليها نظرة استغراب وقلت لها وكيف تحبين بشري من " طين متعفن " ؟؟!!
في ذات الوقت كنت أسخر من نفسي لطالما كنت أسمع عن حكايات " الجن والعفاريت " رغم عدم تصديقي لمثل هذه الخرافات ، إلا أنني كنت أقول في نفسي جيد أن تظهر لي جنية ذات حسن وجمال وقد ممشوق وعيون زرقاء وشعر أشقر، لكن على ما يبدو أن القدر كان له كلمته الفاصلة في هذا الموضوع .
هنا نظرت إلي " سالكوموس " نظرة عجيبة وكأنها تسمع كل ما يجول في خاطري، لتردف قائلة مع بابتسامة : " أولا " آسفة لأنني خيبت ظنك ولكن أنا أحب الوضوح ، لا يعجبني من يتلاعب بمشاعر البشر بأشكال يتشكلون عليها تخالف حقيقتهن ، هذه حقيقتي وهذا شكلي وأستطيع أن أتخذ أي شكل أريد لكنني تربيت على الوضوح والصراحة ، هذا لا يعني أن الجميع شكلهم مثلي ، فهناك من هم أجمل مني بكثير ، لكنني أعد بين قومي " الحن " امرأة جميلة .
في تلك اللحظة شعرت بالخجل من نفسي و من تفكيري الضيق و نظرتي السطحية للأشياء؟؟
على الأقل كانت صريحة معي و واضحة ، أفضل من بعض البنات اللواتي أعرفهن في الجامعة يضعن طنا من المكياج وعندما تسألهن هل هذا جمالك الحقيقي ، تنظر إليك باحتقار وهي تجيب : نعاااام ، هذه حقيقتي وهذا جمالي أيها الغبي المخنت ، بينما إذا صادفتها في إحدى شوارع الحي تظن أنك صادفت أخاها الكبير ههههه لانعدام الأنوثة ، حقا هذا المكياج سحر بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
هنا أردفت قائلة : " فؤاد " أرجوك أوقف التفكير لا أستطيع أن أكمل حديثي وسط هذا الصخب الذي بداخلك، أنصت إلي جيدا ، ونقطة أخرى : لا تهتم لكلام قومي في لحظة غضب ،
فقلت لها لقد كان يعني ما يقول وكان الحقد ظاهرا في عينيه !!
سكتت لحظة واقتربت مني وقالت : انظر ، نحن قوم " الحن " لنا تاريخ طويل مع البشر ، تاريخ مليئ بالدم والثأر والإنتقام ، ليس كل " الحن " ولكن ثلث منهم لا يحبون أولاد " آدم " ولا يفقهون حديثهم ولا يؤمنون بأنبيائهم ولا رسلهم ، وثلت منهم صار يحمل جيناتهم وصار " آدم " جدا لهم أيضا ،
قطعت حديثها متسائلا : كيف لم أفهم جينات ماذا ؟؟
فقالت بعد أن نزل " آدم وحواء " إلى الأرض هاجت الأرض وماجت على خلق " آدم " الذي سوف يحكمهم ويصبح خليفة في الأرض على جميع المخلوقات ، قبل نزوله كان إبليس قد أشعل نار الفتنة والحقد في قلوب المخلوقات الأخرى ممن كانوا في الأرض أنذاك ، أخبرهم أنه سينزل من السماء مخلوق خلق من طين الأرض التي نمشي عليها ، ليحكمنا ، بينما نحن أولى بالحكم والرشاد ، كيف نرضاها لأنفسنا ونحن أزكى المخلوقات وأعظمها ، و نحن أعظم شأنا ، خلقنا من نار ، وخلق من طين .
هنا سألتها ماذا كان يقصد أحد من قومك عندما قال : نحن خلقنا من نار باردة ؟؟
فقالت : نعم نحن قوم " الحن " خلقنا من نار باردة وهي نار " زرقاء " لا تحرق ولا تؤذي ، وهناك من خلق من " نار بنفسجية " وهم قوم " البن "، لا باردة ولا حارقة بين ذاك وذاك ، وهناك من خلق من " نار خضراء " وهم قوم "المن " ، وهناك قوم " السين " الذين خلقهم الله من " بياض النار " ، هؤلاء كانو عرضة للقتل من قبل المخلوقات الأخرى بعد المعارك الطاحنة التي كانت فوق الأرض ، هم أول من اتخذ باطن الأرض سكنى لهم ولذريتهم بعيدا عن سفك الدم ، و " قوم الجن " خلقوا من نار المحبة والغيرة وهي نار لا تحرق جمعت بين " اللونين الأصفر والأخضر " ، وهي من أجود النيران وأصفاهم ، يقال أن آدم به جزء من هذه النار في تكوينه ، لذلك هم أقرب إليهم منا نحن ومن الأقوام الأخرى ، ويتشاركون في نقطة مهمة بالنسبة لهم ألا وهي " الحب والعشق حتى الجنون " .
هذا عن " آدم والجن " .
• أما الشياطين من جنس إبليس فخلقوا من نار "حمراء حامية " ، وهي نار تحرق الأخضر واليابس لا تعرف الرحمة ولا الشفقة .
• وهناك من خلق من " نار سوداء " وهؤلاء أعظمهم شرا وحقدا، وهؤلاء تزوج إبليس منهم وصاهرهم ، وصار لهم بنين وبنات ، ويلدون في كل ساعة لا يتوقفون عن ذلك حتى يفوق عددهم أعداد من في الأرض والسماء على حد مزاعمهم .
• ونحن أقوام وعشائر كل جد يرى من أحفاده ألف ألف حفيد وهو لايزال يحرث أرضه ويتزوج العذراء ،نحن نعيش كثيرا وننجب كثيرا ،
هذا عدا عن المخلوقات الأخرى التي لا يسعني الوقت لعدها أو شرحها ،
لكنني أعدك أنني سأشرح لك كل الأمور الخفية ، وسأخذك معي إلى تلك العوالم بعدما نتزوج ،
قاطعت حديثها بعدما نطقت كلمة " زوج " وأعدت سؤالي عليها قائلا : وما دخل هذا بالجينات ؟؟؟ و كأنني أحاول تغير الموضوع دون أن نتعمق في موضوع الزواج هذا الذي لم أكن أفكر فيه حتى من إنسية فكيف من جنية !!
وفي نفس الوقت لم أخفي انبهاري وتعجبي من ألوان النار التي نستعملها كل يوم بل كل ساعة دون أن ننتبه لهاته الألوان العجيبة !!
بينما أنا أسألها وفي نفس الوقت كان عقلي المسكين يجول في كل هذه المعلومات والمتاهات التي فاقت حدود فهمي ،
أردفت قائلة: هناك من آمن " بآدم " و ولده وهناك من كرهه كرها ليس كمثله شيء ، ومن هنا جاءت " فكرة الشيطان الرجيم " وخطته حول إيجاد مخلوقات جديدة تجمع بين جينات " آدم "وجينات " الحن " والمن " والبن " في تحدي " للخالق ، خطة توصلهم حكم أولاد " آدم " في المستقبل ، ومن جهة أخرى يستطيع معرفة جينات و صفة تكوين " آدم " وكيف تعمل طاقاتهم الجسدية والعقلية والفكرية والروحية ؟؟ و كيف يفكرون؟؟ كيف يعمل عقلهم وهل له صلة مباشرة مع الخالق؟؟ أم أن القلب هو المفتاح وهو همزة الوصل مع خالقهم ؟؟ أم هي تلك الروح الدافئة التي نراها كيف تشيع في الأرض والسماء ؟؟
هناك أسئلة كثيرة وهم يريدون معرفة كل شيء حتى يستطعوا التحكم في نسل " آدم "، وهو ما رفضه مخلوقات " الجن " من أولاد " جان " و لم يوافقوا على دخول هذه الحرب ضد " آدم " و أولاده ، وكانوا يقولون عنها " أنها حرب خاسرة : ، لذلك عمد " الأباليس " ومن معهم في " الخطة " إلى شن حربا كبيرة على " الجن " قصد تشويه سمعتهم و تصويرهم في صورة " الشياطين والأعداء " ، لكن الحقيقة كانت غير ذلك ،
...هنا خطر على بالي سؤال طالما تردد في عقلي وهو أنه طالما هؤلاء المخلوقات الحرارية خلقت من نار فلماذا لا أرى النار في جسدك ؟!!
لتردف قائلة : وهي تضحك كيف تسأل مثل هذا السؤال الغبي؟؟
ألست مخلوقا بشريا ؟؟ إذا أين التراب !! ولماذا لا يتساقط التراب من جسدك ؟؟
حقا أنتم البشر تضحكونني بمنطقكم العجيب وطريقة تفكيركم ،
( إلى اللقاء حتى الجزء الثالث )
بقلم : ريم الشاذلي
.
.بتاريخ 22 مارس 2020
تعليقات
إرسال تعليق