عيون الجسد ...الجزء الاول
《#عيون_الجسد 》
خروج الروح من الجسد أو ما يسمى اليوم ب
" #الإسقاط_النجمي " ،
هذه القصة طويلة فيها شرح عن الإسقاط النجمي بالتفصيل قدر الإمكان ، فإن كنت من محبي المواضيع القصيرة فأنا لا أنصحك بقرائته... وأتمنى أن تكمل " لعبة البلايستايشن " خاصتك لأن هذا الموضوع لن يناسبك ،
وإذا كنت تريد أن تعرف الحقيقة في هذا الموضوع الشائك والخطير ، فواصل القراءة وتأمل جيدا " حديث الحقيقة " على لسان " الجد والحفيد " .
اتمنى لكم رحلة ممتعة رفقة " شخصيات القصة " .
.
. . .《 #عيون_الجسد 》
. . . 《 #رواية 》
.
《.. كنت جالسا في غرفتي التي لا أخرج منها إلا للضرورة بين كتبي و قصصي و كراساتي ، بينما أنا منسجم مع ألحان وأنغام أم كلثوم في " أنت عمري" وصلت إلى مسامعي قرعات تدق باب غرفتي على الساعة الثانية ليلا ، عندما فتحت الباب وجدت عمي الذي توفي من سنين يقف على الباب وهو يقول : لقد اشتقت إليك يا علي ، فطلبت منه الدخول والجلوس معي في الغرفة،
وهو يقول : ماذا كنت تفعل لحدود هذه الساعة ؟؟
فأجبته : كنت أنجز بعد المهام ياعمي ،
فسألته : هل رآك أحد وأنت تدخل المنزل ؟؟
ليجيبني وهو يبتسم : من سيراني يا علي انت وحدك فقط من يمكنه أن يراني ،
سألته : و لماذا أتيت في هاته الساعة من الليل ؟؟
فأردف قائلا : هل نسيت أن اليوم هو صباح الجمعة وأنا جئت إلى المنزل الذي تربيت فيه ومت فيه لأزور أحبابي ولعل أحدهم يذكرني بقراءة قرآن أو حتى دعاء ،
فقلت : أنا لا أنساك ياعمي ، دائما أهدي لك ثواب قراءة سور من القرآن، فقال مع إبتسامة على وجهه الطيب : أعلم يا بن أخي أعلم ، يصلني دائما دعائك حتى المكان الذي أنا فيه، ويأتي الملاك الموكل بي فيقول لي انظر إلى أبن أخيك " علي "، لقد أرسل لك هدية ، وهي عبارة عن حسنات كثيرة في كتاب أبيض ، فيفرح قلبي وروحي لذلك ، بينما الملائكة الموكلين الآخرين يذهبون عند جدك وجدتك ويهديهم هديتك الثمينة ونحن نراك وانت في أبهى صورة ،
بعض من أصدقائنا يشعرون بالغبطة وهم يقولون : نتمنى لو كانوا أحبائنا يتذكروننا مثل ما يتذكركم حفيدكم علي ، . . فأنت مشهور " يا علي " في المكان الذي نحن فيه لأنك دائما تبعث لنا هدايا ، شكرا لك يا عزيزي .
بعدها أنام ويظل " عمي توفيق " يجول في المنزل حتى إذا وصل وقت ما قبل العصر انصرف مع الملائكة الموكلين به .
هل تفجأتم بما قرأتم هنا ؟؟
هل تظنون أنني مجنون ؟؟
إذا لتفهموا عما أتحدث عنه، يجب أن تعرفوا حكايتي أولا ، لأنه لا يكون للحديث معنى من الأساس بدون معرفة القصة من بدايتها .
أعرفكم بنفسي :
أنا " علي المصري الشاذلي " من عائلة صوفية تعيش في" حي زيزينيا " في الإسكندرية بمصر ، في فيلا جدي " الحسن المصري الشاذلي " .
ولدت وسط عائلة صوفية ميسورة الحال كنت أعشق تقليد جدي من أبي وأفعل ما يفعله بالضبط ، كنت أحب تقليد مشيته و طريقة جلوسه وهو يقرأ الكتب التي لا تعد و لا تحصى في مكتبته الكبيرة ، أو حتى في طريقة تسبيحه وهو يتحرك معها بانسجام كبير ، كنت أحب أن أقرأ مثله وأقلده وأنا لا أزال في عمر السادسة ، حتى عندما كان يوقظني من النوم لصلاة الفجر ، كنت أنهض مسرعا وأنا كلي فرح ، رغم أن الجميع نائم ، كنت أصلي مع جدي في غرفة الصلاة التي كانت تعطيني طاقة وفرحة كفرحة العيد ،
ظللت على هذا الحال حتى وصلت عمر الثامنة وأنا لا أفارق جدي وهو لا يفارقني حتى أنه كان يأخذني معه إلى مجالس الذكر لأكابر العارفين في كل بقاع الأرض،
بعدها حصل شيء لم أكن أتوقع حدوثه أبدا ،
كان يومها عيد الفطر المبارك عندما سألني أبي ماذا تريد للعيد يا علي؟؟ فطلبت منه أن يشتري لجدي هدية لأهديها له ، وكانت الصدمة الكبيرة وردة فعل أبي غير طبيعية في جوابه ،
لقد قال بنبرة مستغربا : جدك... جدك من يا عزيزي ؟؟!!
قلت : جدي يا أبي ، أبوك أنت الذي صورته في غرفة الجلوس ، كنت أجيبه و أنا أبتسم معه بينما هو كان يظن أنني أمازحه ،
ثم أردف قائلا : لكن أبي مات من قبل أن تولد يا عزيزي ، حتى عندما كنا نسمعك وانت صغير تقول جدي جدي كنا نظن أنك تلعب، وطفل صغير لا يعرف ولكن يبدو أن الأمر زاد عن حده ،
وقتها كنت في غاية الغضب وانا أقول بصوت مرتفع كيف جدي مات وهو دائما معنا في المنزل نصلي مع بعض ونقرأ الكتب مع بعض في المكتبة ، ونذهب مع بعض عند أصدقائه لحضور مجالس الذكر ليلا في الصعيد و في حميثرا وفي دمشق وأحيانا في فاس وفي اسطنبول والجزائر ،
هنا أتذكر أبي جيدا كيف انتفض غاضبا وهو يقول : بلهجته المصرية : لا .. الولد ده اتجنن رسمي يا فاديه ، مش معقول كده ، يعني ربنا رزقني ولد أهبل وعبيط كمان حسبي الله ونعم الوكيل ،
أهو ده اللي أخذناه من الجوازة المهببة بستين هباب،
أكيد الولد طالع أهبل زي أمك،
ثم قال : وأين هاته الغرفة التي تتحدث عنها أنك أنت وجدك تقرؤن فيها الكتب ؟؟
فقلت له : الغرفة التي هي فوق ، في السطوح يا أبي،
ليردف غاضب ؛ .. أهو إسمعي بيقولك الأوضة إللي في السطوح ، طب يابن العبيطة الأوظة دى مافيهاش حاجة غير كراكيب قديمة ، أي نعم كلها بتاعت جدك بس كراكيب بس ، وكمان بيقولك انو بيمشي لاسطنبول ودمشق و معرفش إيه روح نام أنا غلطان اساسا إني سألتك،
بينما أمي اكتفت بالصمت والنظر إلي وكأنها تقول في نفسها معقول يطلع إبني مجنون ؟؟
في هذه اللحظة رغم صغر سني شعرت بدوار وكأن جسدي يهوي من مكان مرتفع جدا ،
ذهبت إلى غرفة جدي وجدتها مقفلة بعدها ذهبت إلى غرفتي وأنا أبكي طوال الليل ، لا أعرف كيف غفوت لأحس بلمسة حنونة على رأسي وصوت يقول : هل نمت يا عزيز جده ؟؟
فتحت عيني مسرعا وكأنني أخاف أن أتأخر فلا أجده،
نعم إنه جدي ، قفزت عليه وأنا أضمه وأقول : جدي أنت هنا أبي يقول أنك مت ،
ليردف قائلا : نعم أعلم ، لا عليك منه ،
سألته : وهل فعلا أنت ميت ؟؟
فقال : ومن قال أنني ميت ، أنا حي أرزق،
فقلت له : إذن قل لأبي ذلك أرجوك يظن أنني مجنون ،
فقال : لا بأس لنجعل هذا الموضوع سرا بيننا لا تفشيه لأحد يا عزيزي ، ألا تحب الأسرار؟؟
فقلت : نعم أحبها ...إذا هذا سرنا أنا و أنت يا جدي ،
فقال : هل تحب الذهاب إلى مسجد جدك رسول الله ؟؟
لأقفز من الفرح وكأنني عصفور طائر ،
مرت الأيام والسنين و من ذلك الوقت لم أقل شيئا ولم أتكلم مهما رأيت ، كنت أصمت وأخشى الخوض في أي موضوع مهما كان حتى لو عرفت أن الشخص الذي أمامي مخطئ ، كنت أقول له أنت المحق وأنسحب بكل هدوء ،
حتى صار عمري عشرين سنة وأنا أعيش في عالمي الخاص هناك من يقول عني أنني مجنون وهناك من يقول عني أنني غبي رغم تفوقي في الدراسة ،
لم أهتم يوما بالإحتفلات ولا بالخروج مع الأصدقاء ، لأنني صرت أعشق الذهاب مع جدي ولا شيء أحبه في هاته الدنيا سوى أن أكون وسط مجمع الذاكرين الذي أذهب إليه كل ليلة مع جدي ، والذي يضم أكابر العارفين ، منهم المصرين والمغاربة و الجزائرين والأتراك و منهم الحي ومنهم الميت ، ومنهم من مر عليه ألف سنة ومنهم خمس مئة عام ، ومنهم مئتين عام كلهم يجتمعون في جبل يسمى 《 جبل البرزخ 》 نذكر الله ويتحدث الأحياء منهم عن أحوال الناس من كل بقاع الأرض، وأنا لا أملك إلا أن أجلس وأنصت إليهم وهم يتحدثون والسعادة تغمرني ، حتى إذا جاء وقت الانصراف يوصلني جدي للمنزل ويغادر ،
حتى جاء يوم كانت لدينا محاضرة في جامعة
" عين شمس " ، فأنا أدرس في " كليةالآداب " " أدب إنجليزي " و أطمح أن أكون كاتبا في مستقبل الأيام ، ذلك اليوم كان إستثنائيا بالنسبة لي ، سأل صديقي محمود الأستاذ عن رأيه في " الإسقاط النجمي" وهل يؤمن بهذا الموضوع؟
فكان رد الأستاذ بأن الوقت غير مناسب لنقاش هذا الموضوع، لأنه ليس موضوعنا اليوم، ولكن سأجيبك بإختصار ، لأن الجواب التفصيلي يحتاج دراسة وتعمقا ،وهو علم عويص ويطلق عليه أيضا إسم 《 الإسقاط الأثري 》وهو تفسير افتراضي لحالة خروج الروح من الجسد ، أو ترك الإنسان " جسده الفيزيائي " والسفر من مكان إلى آخر عبر " الجسم الأثيري " لأي مكان يريده ، وهناك أطباء في " علم النفس " يصفون هذه الحالة بمرض نفسي اسمه " التوهم " ،
لكنها فكرة جيدة طالما أنكم مهتمين سنخصص يوما خاصا لهذا الموضوع الشيق ،
هنا التفتت إلي صديقي وسألته ما معنى كلامه ؟؟
فقال : يعني بإختصار يا صاحبي أن تخرج روحك من جسدك وتسافر لأي مكان أو زمن تريده ، وتشوف ناس وتشوفك ناس ، عادي جدا يعني 《 الجسم الأثيري 》أنا سبق وجربت الحكاية ديت ، بس من وقتها وراسي بيوجعني وعيني بتزغلل وبشوف خيالات وأسمع أصوات بتنادي علي ، المهم زي ماقال الأستاذ الموضوع عويص وانتا مش قدوا،
في تلك اللحظة فقط دار رأسي ألف دورة وسألت نفسي هل يعقل أنني أذهب مع جدي حسن بالجسم الأثيري؟؟
أم أنني أتوهم ومريض نفسي ؟؟
لم أطق الجلوس في قاعة المحاضرة وغادرت مسرعا إلى المنزل وحجزت نفسي في غرفتي أبحث عن هذا الموضوع على الشبكة العنكبوتية لكن لا شيء... ليس هناك جواب مقنع،
هل أنا مجنون؟؟
هل يتهيأ لي ؟؟
هل سينتهي بي المطاف مثل جدتي كما يقول أبي وأصاب بالجنون ؟؟
لا أعرف رأسي سينفجر ،
ما أعرفه أنني جلست في غرفتي لم أخرج منها طوال اليوم ولم أحدث أحدا ،
عند الفجر جاء جدي كالعادة يوقظني للصلاة ، اقترب مني وقال : لا تقلق سأجيبك على كل أسئلتك ولكن بعد الصلاة،
ذهبنا وصلينا في " المسجد النبوي " الذي يبعد عن بلادي مصر بالساعات في لمح البصر، بعد فراغنا من الصلاة ،
قال لي جدي هيا إنهض ،
فقلت إلى أين؟؟
قال : إشرب ماء زمزم واتبعني ،
إختطفت تلك المياه بسرعة وشربتها على نفس واحد حتى لا أتأخر،
ليقول لي جدي عند اقترابي منه : ألم أعلمك أن تشرب الماء بمهل و أن تشرب وأنت جالس ؟؟
مع العلم أنه أثناء شربي كان يعطيني ظهره وهو يمشي وسط المسجد ولم يلتف إلي ابدا ، فكيف رآني؟؟
وقفنا في باحة المسجد ثم نظر إلى السماء ونظرت أنا أيضا، لا أعرف ماذا حصل وكيف تغير المكان ،
لأجد نفسي وكأننا نقف خارج هذا الكوكب ، كنت أرى الأرض لأول مرة في حياتي بهذا الجمال والتألق، إنها جميلة جدا مبهرة جدا بلونها الأزرق الذي لم أرى مثله من قبل وذلك الغلاف الأخضر اللامع الذي يغطيها بينما هناك ملائكة تقف أمام الأرض وكأنها تمسك بها ، كل ملاك فاق حجمه الأرض لدرجة وكأنه يمسك كرة صغيرة بين يديه ، ملاك ذا وجه جميل يشع نورا ، و يمتلك جناح به أجنحة كثيرة وكل جناح فيه عيون وشفتان كلها تسبح الله تسبيحا متناغما ،
قال جدي : هؤلاء الملائكة هم المكلفون بالأرض ، لا يظهر أين يقفون لأن الظلام كان دامسا بالأسفل ،
و لكن تلك النجوم والكواكب التي لا يعرف عددها إلا الله وحده كيف كانت جميلة كلها تسبح الله وتمجده كل واحدة بصوت مختلف ، اقتربنا من الشمس وقال : هل تريد الدخول إلى الداخل يا علي ؟؟
فقلت : وكيف أدخل إن الشمس تحرق قبل الاقتراب منها ،
ليبتسم وهو يقول : تعالى لا تخف كله بأمر الله،
حتى إذا وصلنا الشمس وجدنا ملائكة عظاما تحرسها ، فتحت لنا غطاء الشمس ودلفنا إلى الداخل ،
لا أخفي عنكم ، لقد كنت خائف جدا ، لكن ما إن دخلنا أحسست بصدمة كبيرة ، إن الشمس من الداخل باردة وبها أنهر جارية ، و كل نهر به ياقوت ومرجان، لمست الماء فكان باردا جدا ، وقد امتلأ بالملائكة التي تعمل بداخل الشمس كخلية النحل بلا توقف تسبح الله وتمجده،
خرجنا من الشمس وتوجهنا إلى مكان في السماء به أرض ممددة على حد البصر جلسنا
ثم نظر إلى وقال : عزيزي ليس هناك شيء إسمه الإسقاط النجمي، هذا المصطلح كان يطلقه " منجموا بابل وسحرتهم " الذين كانوا يتواصلون مع الشياطين ومع شياطين الجن ،
و كان " شعب المايا " يسمون من يقوم بهاته المهام ب《 المبشرين 》 الذين يتواصلون مع النجوم والكواكب ومخلوقات أخرى، وكانت هاته العلوم كما يسمونها شائعة عندهم في ذلك الوقت بحيث يكون ذلك لبعض الأشخاص الشفافين فقط، ممن يستطيعون أن يرون النجوم والكواكب من الأرض بعين البصيرة ، ولكن بعضهم كانت الشياطين تتلاعب بهم ، ويصبحون مطية لهم من حيث لا يدرون ، وكانوا يظنون أن الشياطين " مخلوقات نورانية"
لكن عليك أن تعرف جيدا أن 《 الإسقاط النجمي 》 معناه الحقيقي هو السقوط في " بقعة الضوء الأحمر " ، أي الوقوع فى المحضور ، لأنه بهاته الطريقة يهيئ نفسه للخروج من دون تحصين ولا وضوء ،
وخروج الروح من الجسد يكون كأنك تعرض روحك للشياطين والتلاعب بها كيفما شاءت،
وتعرض جسدك في نفس الوقت لأن تسكنه" الشياطين " و " الأرواح الشريرة " فلا يعود لك الحق في جسدك والرجوع إليه وتظل ضائعا وتائها حتى يشاء الله لأنك أنت من أعطيتهم الضوء الأخضر ، ولا يقع اللوم إلا عليك، وفي حالة أنهم رجعوا لأجسادهم وجدوا بها " ضيوف الشيطان " بعد السقوط في عالم النجوم الحمراء ،
وهو من أفاعيل الشيطان والدجال لإقناع الناس بفتح " العين الثالثة " في الجبهة،
وإذا فتحت تلك العين في الجبهة تكون النهاية مؤسفة للغاية، يصيرون عرضة للشياطين ، و يصبحون بعدها من " عبدة الشياطين " و من أتباعهم،
وهذه" العين الثالثة " تفتح بعدما يستعمر الجسد من قبل الشياطين فتفتح عينه ، و هي ليست بعين الإنسان ،
أما المؤمن فتفتح له عيون كثيرة ، بل يصير كله عيون ، وأهم شيء هي " عين القلب " إذا فتحت أصابه خير كثير، وإذا تم إقفالها فهو مغضوب عليه ويكون من الهاوين الضالين ، وهذا مذكور في قول الله عنهم
《 أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور 》
أي أن القلب له عين وإذا إنطفأت انطفأ نور الله في قلبه ،
واعلم أن المؤمن كله عيون في رأس جسده في يداه في رجله و لسانه و قلبه و صوابعه و شعره وحتى في مؤخرة رأسه ، حتى أن له أعين تسبق الزمان والمكان،
لذلك يقول الله تعالى :《 يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم بما كانوا يعملون 》
بمعنى يا عزيزي أن كل حواس ابن آدم تشهد عليه يوم القيامة لأنها ترى وتسمع كل شيء ، ولأن الإنسان غير المتصالح مع ربه وذاته لا يسمع ولا يرى ولا يفقه شيئا ،
لذلك فالمؤمن لا يحتاج فتح عين ثالت ولا رابعة لأنه كله عيون،
وهاته العيون تفتح بذكر الله وصفاء القلوب وهي وهبية من الله يهديها لمن يشاء من عباده على قدر همته ونقائه ،
يقول الله فيهم 《 لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد 》
ماذا يعني يا عزيزي علي ؟؟
يعني أنه كان في غفلة من هذا مشغول و مفتون بأمور الدنيا وملاذاتها وصوارفها و لم يكن له وقت للتفكر أو التدبر في ذاته وفي عظمة الله ،فصار في غفلة كل يوم حتى أصبحت الحجب رانة على عيون قلبه بفعل ثقل الذنوب والمعاصي ، وكأن تلك المعاصي تصنع " هالة ظلمانية " حاجبة لتلك العيون من أن تبصر .
لماذا الأطفال تراهم يضحكون ويتكلمون لوحدهم ؟؟ لأنهم يرون الملائكة وأهل النور و المحبة ،
فإذا وجد من يصقل تلك الفطرة ويحافظ على نقاوتها استمرت ودامت،
وإن لم يجد ينزل الحجاب الأول حتى لا يفضح ما يراه وتسمع به الشياطين ،
ويظل على تلك الحال كلما كبر وارتكب المعاصي نزل حجاب ورأى حجاب حتى صارت مثقلة ذاته بالحجب ،
وإن اتجه إلى الله وجد من يأخذ بيده ، و كانت الحجب خفيفة ، فترتفع على قدر همته وصفاء قلبه ،
بعد هذا الحديث المطول ، أخذني جدي معه إلا مكان وكأنها أرض قاحلة سحبها سوداء تملأها الشياطين من كل نوع يلعبون بالبشر وكأنهم بين أيديهم ككرة القدم يمينا وشمالا،
بينما هم يصرخون ويبكون ويركضون في محاولة للفرار منهم لكن بدون جدوى ،
حتى إذا طلع النهار على تلك الأرض تركتهم وشأنهم وغاصوا في باطنها ،
فقال جدي " الحسن المصري " أرأيت هؤلاء ؟؟ إنها أرواح تركت أجسادها سواء لفتح العين الثالثة كما يسمونها أو بنوع من العقارات المهلوسة لرؤية العالم الآخر ، هكذا يكون مصيرهم تلعب بهم الشياطين و تأخذهم إلى عالمها ، و ترى الظلام فتحسبه نورا ، فإذا عادت الروح إلى الجسد وجدوا أنفسهم متعبين منهكين يعانون من الصداع والشقيقة ،
و هؤلاء هم من يصبحون أتباعا للدجال الأعور،
نحن المؤمنون بالله وشريعة رسول الله لا يوجد عندنا شيء إسمه " الإسقاط النجمي " بل يوجد عندنا " الفتح الرباني " الذي يهبه الله لمن أراد له الفتح ، منا من يصل إلى هذا الأمر بعد شوط كبير من مجالس الذكر والصوم والصلاة والعبادة ، ومنا من يمتلكه بدون جهد ولا عناء ولكن صاحب هاته النعمةيكون ممتلكا قلبا ليس كمثله شيء ، لا يحمل ضغينة ولا يكره أحدا ،
أهم شيء أن تمتلك قلبا طاهرا ، فيفتح الله لك عيونا و يصبح بصرك من نور الله ،
يقول الله تعالى 《 إلا من أتى الله بقلب سليم 》 ولم يقول إلا من أتى بعلم كبير أو بعمل كثير، هنا الحكمة التي لا ينتبه لها أحد وهي أن كل الفرائض إن لم تكن من قلب سليم لا تقبل وتضرب بعرض الحائط ،
و في الحديث القدسي يقول الله تعالى 《 فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها 》،
إذا يا عزيزي المحبة هي أصل الأشياء، فإن لم تتوفر في القلب كنت عرضة للشياطين،
هنا سألته وقلت : وأنا يا جدي ماهي حالتي ؟؟
فقال : أنت على حالة فطرية لأن قلبك نقي لذلك تعيش في عالم النور وتجالس المحبين في الله،
هنا توقف جدي وقال : لأرجعك إلى بيتك ، و أنا بجانبك دائما .
في الفصل الثاني من هذه الرواية نسافر مع الشيخ الحسن المصري الشاذلي الإسكندري و حفيده علي إلى ملف آخر .
.
لا تنسوا أن دعمكم يحثني على الإستمرار
مسائكم سعيد 🙏
.
بقلم : #ريم_الشاذلي ...Reem Shadili
خروج الروح من الجسد أو ما يسمى اليوم ب
" #الإسقاط_النجمي " ،
هذه القصة طويلة فيها شرح عن الإسقاط النجمي بالتفصيل قدر الإمكان ، فإن كنت من محبي المواضيع القصيرة فأنا لا أنصحك بقرائته... وأتمنى أن تكمل " لعبة البلايستايشن " خاصتك لأن هذا الموضوع لن يناسبك ،
وإذا كنت تريد أن تعرف الحقيقة في هذا الموضوع الشائك والخطير ، فواصل القراءة وتأمل جيدا " حديث الحقيقة " على لسان " الجد والحفيد " .
اتمنى لكم رحلة ممتعة رفقة " شخصيات القصة " .
.
. . .《 #عيون_الجسد 》
. . . 《 #رواية 》
.
《.. كنت جالسا في غرفتي التي لا أخرج منها إلا للضرورة بين كتبي و قصصي و كراساتي ، بينما أنا منسجم مع ألحان وأنغام أم كلثوم في " أنت عمري" وصلت إلى مسامعي قرعات تدق باب غرفتي على الساعة الثانية ليلا ، عندما فتحت الباب وجدت عمي الذي توفي من سنين يقف على الباب وهو يقول : لقد اشتقت إليك يا علي ، فطلبت منه الدخول والجلوس معي في الغرفة،
وهو يقول : ماذا كنت تفعل لحدود هذه الساعة ؟؟
فأجبته : كنت أنجز بعد المهام ياعمي ،
فسألته : هل رآك أحد وأنت تدخل المنزل ؟؟
ليجيبني وهو يبتسم : من سيراني يا علي انت وحدك فقط من يمكنه أن يراني ،
سألته : و لماذا أتيت في هاته الساعة من الليل ؟؟
فأردف قائلا : هل نسيت أن اليوم هو صباح الجمعة وأنا جئت إلى المنزل الذي تربيت فيه ومت فيه لأزور أحبابي ولعل أحدهم يذكرني بقراءة قرآن أو حتى دعاء ،
فقلت : أنا لا أنساك ياعمي ، دائما أهدي لك ثواب قراءة سور من القرآن، فقال مع إبتسامة على وجهه الطيب : أعلم يا بن أخي أعلم ، يصلني دائما دعائك حتى المكان الذي أنا فيه، ويأتي الملاك الموكل بي فيقول لي انظر إلى أبن أخيك " علي "، لقد أرسل لك هدية ، وهي عبارة عن حسنات كثيرة في كتاب أبيض ، فيفرح قلبي وروحي لذلك ، بينما الملائكة الموكلين الآخرين يذهبون عند جدك وجدتك ويهديهم هديتك الثمينة ونحن نراك وانت في أبهى صورة ،
بعض من أصدقائنا يشعرون بالغبطة وهم يقولون : نتمنى لو كانوا أحبائنا يتذكروننا مثل ما يتذكركم حفيدكم علي ، . . فأنت مشهور " يا علي " في المكان الذي نحن فيه لأنك دائما تبعث لنا هدايا ، شكرا لك يا عزيزي .
بعدها أنام ويظل " عمي توفيق " يجول في المنزل حتى إذا وصل وقت ما قبل العصر انصرف مع الملائكة الموكلين به .
هل تفجأتم بما قرأتم هنا ؟؟
هل تظنون أنني مجنون ؟؟
إذا لتفهموا عما أتحدث عنه، يجب أن تعرفوا حكايتي أولا ، لأنه لا يكون للحديث معنى من الأساس بدون معرفة القصة من بدايتها .
أعرفكم بنفسي :
أنا " علي المصري الشاذلي " من عائلة صوفية تعيش في" حي زيزينيا " في الإسكندرية بمصر ، في فيلا جدي " الحسن المصري الشاذلي " .
ولدت وسط عائلة صوفية ميسورة الحال كنت أعشق تقليد جدي من أبي وأفعل ما يفعله بالضبط ، كنت أحب تقليد مشيته و طريقة جلوسه وهو يقرأ الكتب التي لا تعد و لا تحصى في مكتبته الكبيرة ، أو حتى في طريقة تسبيحه وهو يتحرك معها بانسجام كبير ، كنت أحب أن أقرأ مثله وأقلده وأنا لا أزال في عمر السادسة ، حتى عندما كان يوقظني من النوم لصلاة الفجر ، كنت أنهض مسرعا وأنا كلي فرح ، رغم أن الجميع نائم ، كنت أصلي مع جدي في غرفة الصلاة التي كانت تعطيني طاقة وفرحة كفرحة العيد ،
ظللت على هذا الحال حتى وصلت عمر الثامنة وأنا لا أفارق جدي وهو لا يفارقني حتى أنه كان يأخذني معه إلى مجالس الذكر لأكابر العارفين في كل بقاع الأرض،
بعدها حصل شيء لم أكن أتوقع حدوثه أبدا ،
كان يومها عيد الفطر المبارك عندما سألني أبي ماذا تريد للعيد يا علي؟؟ فطلبت منه أن يشتري لجدي هدية لأهديها له ، وكانت الصدمة الكبيرة وردة فعل أبي غير طبيعية في جوابه ،
لقد قال بنبرة مستغربا : جدك... جدك من يا عزيزي ؟؟!!
قلت : جدي يا أبي ، أبوك أنت الذي صورته في غرفة الجلوس ، كنت أجيبه و أنا أبتسم معه بينما هو كان يظن أنني أمازحه ،
ثم أردف قائلا : لكن أبي مات من قبل أن تولد يا عزيزي ، حتى عندما كنا نسمعك وانت صغير تقول جدي جدي كنا نظن أنك تلعب، وطفل صغير لا يعرف ولكن يبدو أن الأمر زاد عن حده ،
وقتها كنت في غاية الغضب وانا أقول بصوت مرتفع كيف جدي مات وهو دائما معنا في المنزل نصلي مع بعض ونقرأ الكتب مع بعض في المكتبة ، ونذهب مع بعض عند أصدقائه لحضور مجالس الذكر ليلا في الصعيد و في حميثرا وفي دمشق وأحيانا في فاس وفي اسطنبول والجزائر ،
هنا أتذكر أبي جيدا كيف انتفض غاضبا وهو يقول : بلهجته المصرية : لا .. الولد ده اتجنن رسمي يا فاديه ، مش معقول كده ، يعني ربنا رزقني ولد أهبل وعبيط كمان حسبي الله ونعم الوكيل ،
أهو ده اللي أخذناه من الجوازة المهببة بستين هباب،
أكيد الولد طالع أهبل زي أمك،
ثم قال : وأين هاته الغرفة التي تتحدث عنها أنك أنت وجدك تقرؤن فيها الكتب ؟؟
فقلت له : الغرفة التي هي فوق ، في السطوح يا أبي،
ليردف غاضب ؛ .. أهو إسمعي بيقولك الأوضة إللي في السطوح ، طب يابن العبيطة الأوظة دى مافيهاش حاجة غير كراكيب قديمة ، أي نعم كلها بتاعت جدك بس كراكيب بس ، وكمان بيقولك انو بيمشي لاسطنبول ودمشق و معرفش إيه روح نام أنا غلطان اساسا إني سألتك،
بينما أمي اكتفت بالصمت والنظر إلي وكأنها تقول في نفسها معقول يطلع إبني مجنون ؟؟
في هذه اللحظة رغم صغر سني شعرت بدوار وكأن جسدي يهوي من مكان مرتفع جدا ،
ذهبت إلى غرفة جدي وجدتها مقفلة بعدها ذهبت إلى غرفتي وأنا أبكي طوال الليل ، لا أعرف كيف غفوت لأحس بلمسة حنونة على رأسي وصوت يقول : هل نمت يا عزيز جده ؟؟
فتحت عيني مسرعا وكأنني أخاف أن أتأخر فلا أجده،
نعم إنه جدي ، قفزت عليه وأنا أضمه وأقول : جدي أنت هنا أبي يقول أنك مت ،
ليردف قائلا : نعم أعلم ، لا عليك منه ،
سألته : وهل فعلا أنت ميت ؟؟
فقال : ومن قال أنني ميت ، أنا حي أرزق،
فقلت له : إذن قل لأبي ذلك أرجوك يظن أنني مجنون ،
فقال : لا بأس لنجعل هذا الموضوع سرا بيننا لا تفشيه لأحد يا عزيزي ، ألا تحب الأسرار؟؟
فقلت : نعم أحبها ...إذا هذا سرنا أنا و أنت يا جدي ،
فقال : هل تحب الذهاب إلى مسجد جدك رسول الله ؟؟
لأقفز من الفرح وكأنني عصفور طائر ،
مرت الأيام والسنين و من ذلك الوقت لم أقل شيئا ولم أتكلم مهما رأيت ، كنت أصمت وأخشى الخوض في أي موضوع مهما كان حتى لو عرفت أن الشخص الذي أمامي مخطئ ، كنت أقول له أنت المحق وأنسحب بكل هدوء ،
حتى صار عمري عشرين سنة وأنا أعيش في عالمي الخاص هناك من يقول عني أنني مجنون وهناك من يقول عني أنني غبي رغم تفوقي في الدراسة ،
لم أهتم يوما بالإحتفلات ولا بالخروج مع الأصدقاء ، لأنني صرت أعشق الذهاب مع جدي ولا شيء أحبه في هاته الدنيا سوى أن أكون وسط مجمع الذاكرين الذي أذهب إليه كل ليلة مع جدي ، والذي يضم أكابر العارفين ، منهم المصرين والمغاربة و الجزائرين والأتراك و منهم الحي ومنهم الميت ، ومنهم من مر عليه ألف سنة ومنهم خمس مئة عام ، ومنهم مئتين عام كلهم يجتمعون في جبل يسمى 《 جبل البرزخ 》 نذكر الله ويتحدث الأحياء منهم عن أحوال الناس من كل بقاع الأرض، وأنا لا أملك إلا أن أجلس وأنصت إليهم وهم يتحدثون والسعادة تغمرني ، حتى إذا جاء وقت الانصراف يوصلني جدي للمنزل ويغادر ،
حتى جاء يوم كانت لدينا محاضرة في جامعة
" عين شمس " ، فأنا أدرس في " كليةالآداب " " أدب إنجليزي " و أطمح أن أكون كاتبا في مستقبل الأيام ، ذلك اليوم كان إستثنائيا بالنسبة لي ، سأل صديقي محمود الأستاذ عن رأيه في " الإسقاط النجمي" وهل يؤمن بهذا الموضوع؟
فكان رد الأستاذ بأن الوقت غير مناسب لنقاش هذا الموضوع، لأنه ليس موضوعنا اليوم، ولكن سأجيبك بإختصار ، لأن الجواب التفصيلي يحتاج دراسة وتعمقا ،وهو علم عويص ويطلق عليه أيضا إسم 《 الإسقاط الأثري 》وهو تفسير افتراضي لحالة خروج الروح من الجسد ، أو ترك الإنسان " جسده الفيزيائي " والسفر من مكان إلى آخر عبر " الجسم الأثيري " لأي مكان يريده ، وهناك أطباء في " علم النفس " يصفون هذه الحالة بمرض نفسي اسمه " التوهم " ،
لكنها فكرة جيدة طالما أنكم مهتمين سنخصص يوما خاصا لهذا الموضوع الشيق ،
هنا التفتت إلي صديقي وسألته ما معنى كلامه ؟؟
فقال : يعني بإختصار يا صاحبي أن تخرج روحك من جسدك وتسافر لأي مكان أو زمن تريده ، وتشوف ناس وتشوفك ناس ، عادي جدا يعني 《 الجسم الأثيري 》أنا سبق وجربت الحكاية ديت ، بس من وقتها وراسي بيوجعني وعيني بتزغلل وبشوف خيالات وأسمع أصوات بتنادي علي ، المهم زي ماقال الأستاذ الموضوع عويص وانتا مش قدوا،
في تلك اللحظة فقط دار رأسي ألف دورة وسألت نفسي هل يعقل أنني أذهب مع جدي حسن بالجسم الأثيري؟؟
أم أنني أتوهم ومريض نفسي ؟؟
لم أطق الجلوس في قاعة المحاضرة وغادرت مسرعا إلى المنزل وحجزت نفسي في غرفتي أبحث عن هذا الموضوع على الشبكة العنكبوتية لكن لا شيء... ليس هناك جواب مقنع،
هل أنا مجنون؟؟
هل يتهيأ لي ؟؟
هل سينتهي بي المطاف مثل جدتي كما يقول أبي وأصاب بالجنون ؟؟
لا أعرف رأسي سينفجر ،
ما أعرفه أنني جلست في غرفتي لم أخرج منها طوال اليوم ولم أحدث أحدا ،
عند الفجر جاء جدي كالعادة يوقظني للصلاة ، اقترب مني وقال : لا تقلق سأجيبك على كل أسئلتك ولكن بعد الصلاة،
ذهبنا وصلينا في " المسجد النبوي " الذي يبعد عن بلادي مصر بالساعات في لمح البصر، بعد فراغنا من الصلاة ،
قال لي جدي هيا إنهض ،
فقلت إلى أين؟؟
قال : إشرب ماء زمزم واتبعني ،
إختطفت تلك المياه بسرعة وشربتها على نفس واحد حتى لا أتأخر،
ليقول لي جدي عند اقترابي منه : ألم أعلمك أن تشرب الماء بمهل و أن تشرب وأنت جالس ؟؟
مع العلم أنه أثناء شربي كان يعطيني ظهره وهو يمشي وسط المسجد ولم يلتف إلي ابدا ، فكيف رآني؟؟
وقفنا في باحة المسجد ثم نظر إلى السماء ونظرت أنا أيضا، لا أعرف ماذا حصل وكيف تغير المكان ،
لأجد نفسي وكأننا نقف خارج هذا الكوكب ، كنت أرى الأرض لأول مرة في حياتي بهذا الجمال والتألق، إنها جميلة جدا مبهرة جدا بلونها الأزرق الذي لم أرى مثله من قبل وذلك الغلاف الأخضر اللامع الذي يغطيها بينما هناك ملائكة تقف أمام الأرض وكأنها تمسك بها ، كل ملاك فاق حجمه الأرض لدرجة وكأنه يمسك كرة صغيرة بين يديه ، ملاك ذا وجه جميل يشع نورا ، و يمتلك جناح به أجنحة كثيرة وكل جناح فيه عيون وشفتان كلها تسبح الله تسبيحا متناغما ،
قال جدي : هؤلاء الملائكة هم المكلفون بالأرض ، لا يظهر أين يقفون لأن الظلام كان دامسا بالأسفل ،
و لكن تلك النجوم والكواكب التي لا يعرف عددها إلا الله وحده كيف كانت جميلة كلها تسبح الله وتمجده كل واحدة بصوت مختلف ، اقتربنا من الشمس وقال : هل تريد الدخول إلى الداخل يا علي ؟؟
فقلت : وكيف أدخل إن الشمس تحرق قبل الاقتراب منها ،
ليبتسم وهو يقول : تعالى لا تخف كله بأمر الله،
حتى إذا وصلنا الشمس وجدنا ملائكة عظاما تحرسها ، فتحت لنا غطاء الشمس ودلفنا إلى الداخل ،
لا أخفي عنكم ، لقد كنت خائف جدا ، لكن ما إن دخلنا أحسست بصدمة كبيرة ، إن الشمس من الداخل باردة وبها أنهر جارية ، و كل نهر به ياقوت ومرجان، لمست الماء فكان باردا جدا ، وقد امتلأ بالملائكة التي تعمل بداخل الشمس كخلية النحل بلا توقف تسبح الله وتمجده،
خرجنا من الشمس وتوجهنا إلى مكان في السماء به أرض ممددة على حد البصر جلسنا
ثم نظر إلى وقال : عزيزي ليس هناك شيء إسمه الإسقاط النجمي، هذا المصطلح كان يطلقه " منجموا بابل وسحرتهم " الذين كانوا يتواصلون مع الشياطين ومع شياطين الجن ،
و كان " شعب المايا " يسمون من يقوم بهاته المهام ب《 المبشرين 》 الذين يتواصلون مع النجوم والكواكب ومخلوقات أخرى، وكانت هاته العلوم كما يسمونها شائعة عندهم في ذلك الوقت بحيث يكون ذلك لبعض الأشخاص الشفافين فقط، ممن يستطيعون أن يرون النجوم والكواكب من الأرض بعين البصيرة ، ولكن بعضهم كانت الشياطين تتلاعب بهم ، ويصبحون مطية لهم من حيث لا يدرون ، وكانوا يظنون أن الشياطين " مخلوقات نورانية"
لكن عليك أن تعرف جيدا أن 《 الإسقاط النجمي 》 معناه الحقيقي هو السقوط في " بقعة الضوء الأحمر " ، أي الوقوع فى المحضور ، لأنه بهاته الطريقة يهيئ نفسه للخروج من دون تحصين ولا وضوء ،
وخروج الروح من الجسد يكون كأنك تعرض روحك للشياطين والتلاعب بها كيفما شاءت،
وتعرض جسدك في نفس الوقت لأن تسكنه" الشياطين " و " الأرواح الشريرة " فلا يعود لك الحق في جسدك والرجوع إليه وتظل ضائعا وتائها حتى يشاء الله لأنك أنت من أعطيتهم الضوء الأخضر ، ولا يقع اللوم إلا عليك، وفي حالة أنهم رجعوا لأجسادهم وجدوا بها " ضيوف الشيطان " بعد السقوط في عالم النجوم الحمراء ،
وهو من أفاعيل الشيطان والدجال لإقناع الناس بفتح " العين الثالثة " في الجبهة،
وإذا فتحت تلك العين في الجبهة تكون النهاية مؤسفة للغاية، يصيرون عرضة للشياطين ، و يصبحون بعدها من " عبدة الشياطين " و من أتباعهم،
وهذه" العين الثالثة " تفتح بعدما يستعمر الجسد من قبل الشياطين فتفتح عينه ، و هي ليست بعين الإنسان ،
أما المؤمن فتفتح له عيون كثيرة ، بل يصير كله عيون ، وأهم شيء هي " عين القلب " إذا فتحت أصابه خير كثير، وإذا تم إقفالها فهو مغضوب عليه ويكون من الهاوين الضالين ، وهذا مذكور في قول الله عنهم
《 أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها ، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور 》
أي أن القلب له عين وإذا إنطفأت انطفأ نور الله في قلبه ،
واعلم أن المؤمن كله عيون في رأس جسده في يداه في رجله و لسانه و قلبه و صوابعه و شعره وحتى في مؤخرة رأسه ، حتى أن له أعين تسبق الزمان والمكان،
لذلك يقول الله تعالى :《 يوم تشهد عليهم ألسنتهم و أيديهم و أرجلهم بما كانوا يعملون 》
بمعنى يا عزيزي أن كل حواس ابن آدم تشهد عليه يوم القيامة لأنها ترى وتسمع كل شيء ، ولأن الإنسان غير المتصالح مع ربه وذاته لا يسمع ولا يرى ولا يفقه شيئا ،
لذلك فالمؤمن لا يحتاج فتح عين ثالت ولا رابعة لأنه كله عيون،
وهاته العيون تفتح بذكر الله وصفاء القلوب وهي وهبية من الله يهديها لمن يشاء من عباده على قدر همته ونقائه ،
يقول الله فيهم 《 لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد 》
ماذا يعني يا عزيزي علي ؟؟
يعني أنه كان في غفلة من هذا مشغول و مفتون بأمور الدنيا وملاذاتها وصوارفها و لم يكن له وقت للتفكر أو التدبر في ذاته وفي عظمة الله ،فصار في غفلة كل يوم حتى أصبحت الحجب رانة على عيون قلبه بفعل ثقل الذنوب والمعاصي ، وكأن تلك المعاصي تصنع " هالة ظلمانية " حاجبة لتلك العيون من أن تبصر .
لماذا الأطفال تراهم يضحكون ويتكلمون لوحدهم ؟؟ لأنهم يرون الملائكة وأهل النور و المحبة ،
فإذا وجد من يصقل تلك الفطرة ويحافظ على نقاوتها استمرت ودامت،
وإن لم يجد ينزل الحجاب الأول حتى لا يفضح ما يراه وتسمع به الشياطين ،
ويظل على تلك الحال كلما كبر وارتكب المعاصي نزل حجاب ورأى حجاب حتى صارت مثقلة ذاته بالحجب ،
وإن اتجه إلى الله وجد من يأخذ بيده ، و كانت الحجب خفيفة ، فترتفع على قدر همته وصفاء قلبه ،
بعد هذا الحديث المطول ، أخذني جدي معه إلا مكان وكأنها أرض قاحلة سحبها سوداء تملأها الشياطين من كل نوع يلعبون بالبشر وكأنهم بين أيديهم ككرة القدم يمينا وشمالا،
بينما هم يصرخون ويبكون ويركضون في محاولة للفرار منهم لكن بدون جدوى ،
حتى إذا طلع النهار على تلك الأرض تركتهم وشأنهم وغاصوا في باطنها ،
فقال جدي " الحسن المصري " أرأيت هؤلاء ؟؟ إنها أرواح تركت أجسادها سواء لفتح العين الثالثة كما يسمونها أو بنوع من العقارات المهلوسة لرؤية العالم الآخر ، هكذا يكون مصيرهم تلعب بهم الشياطين و تأخذهم إلى عالمها ، و ترى الظلام فتحسبه نورا ، فإذا عادت الروح إلى الجسد وجدوا أنفسهم متعبين منهكين يعانون من الصداع والشقيقة ،
و هؤلاء هم من يصبحون أتباعا للدجال الأعور،
نحن المؤمنون بالله وشريعة رسول الله لا يوجد عندنا شيء إسمه " الإسقاط النجمي " بل يوجد عندنا " الفتح الرباني " الذي يهبه الله لمن أراد له الفتح ، منا من يصل إلى هذا الأمر بعد شوط كبير من مجالس الذكر والصوم والصلاة والعبادة ، ومنا من يمتلكه بدون جهد ولا عناء ولكن صاحب هاته النعمةيكون ممتلكا قلبا ليس كمثله شيء ، لا يحمل ضغينة ولا يكره أحدا ،
أهم شيء أن تمتلك قلبا طاهرا ، فيفتح الله لك عيونا و يصبح بصرك من نور الله ،
يقول الله تعالى 《 إلا من أتى الله بقلب سليم 》 ولم يقول إلا من أتى بعلم كبير أو بعمل كثير، هنا الحكمة التي لا ينتبه لها أحد وهي أن كل الفرائض إن لم تكن من قلب سليم لا تقبل وتضرب بعرض الحائط ،
و في الحديث القدسي يقول الله تعالى 《 فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها 》،
إذا يا عزيزي المحبة هي أصل الأشياء، فإن لم تتوفر في القلب كنت عرضة للشياطين،
هنا سألته وقلت : وأنا يا جدي ماهي حالتي ؟؟
فقال : أنت على حالة فطرية لأن قلبك نقي لذلك تعيش في عالم النور وتجالس المحبين في الله،
هنا توقف جدي وقال : لأرجعك إلى بيتك ، و أنا بجانبك دائما .
في الفصل الثاني من هذه الرواية نسافر مع الشيخ الحسن المصري الشاذلي الإسكندري و حفيده علي إلى ملف آخر .
.
لا تنسوا أن دعمكم يحثني على الإستمرار
مسائكم سعيد 🙏
.
بقلم : #ريم_الشاذلي ...Reem Shadili
بتاريخ 16 ابريل 2020
تعليقات
إرسال تعليق