مجنون بغداد

. . .. .. " مجنون بغداد "



تبا لكم .... وتبا لي .......،

تبا للحظ العاتر...تبا لذلك القلم الذي أكتب به ،

في كل مرة أكتب فيها ينزف قلبي وتنزف الأوراق من شر البلية ....،

تبا للحظ العاتر الذي أعيشه وسط قوم صاروا مجردين من الإنسانية ..

تسأل من انا ؟؟

انا مجنون بغداد كما كانوا يطلقون علي وقتها ،
انا شاعر من زمن قديم شربت من نهر الحياة و أصبحت خالدا .....
لو كنت أعلم أنني سألعن هذا الحظ الذي جعلني أعثر فيه على نهر الخلود لكنت غيرت طريقي يومها ،

كان يوما عاديا جدا كسائر الأيام ، كنت أتجول في غابات وأنهر مصر ، حتى سمعت أصواتا تشبه السنفونيا ، تبعت الصوت الذي كلما اقتربت من مصدره إلا وارتفع أكثر وأكثر ،
حتى إذا اقتربت وجدت سبعة رجال كل واحد منهم يرتدي عباءة بيضاء تشع نورا و هيبة و وقارا ، يذكرون بصوت واحد " إسم الله العظيم " ذاك الإسم الذي إذا ذكر على ميت أحياه الله ..وإذا ذكر على أرض يابسة اخضرت ، وإذا ذكر على أرض انطوت و وصلت إلى عوالم لا حدود لها ، و هناك كان انبهاري وذهولي ،..
طلبت منهم أن أستمع إليهم وهم يذكرون ذاك الإسم بصوتهم العجيب .. بينما هم طلبوا مني المغادرة لأنني قد لا أستطيع التحمل ،
لكنني وعدتهم أنني وبكل قوة أستطيع التحمل ، حتى إذا جاء وقت رحيلهم طلبوا مني الاختيار بين نهرين :
النهر الأول كان صغيرا راكدا ،
والنهر الثاني كان جاريا تلعب فيه الأسماك بكل لون يتعجب منه الإنسان ،
جذبني ذلك المنظر الآخاد فاقتربت فلمست الماء الصافي فإذا بتيار قوي يجذبني إليه غرقت فيه ولم أستطيع الخروج منه ، حتى وجدت نفسي في " نهر بغداد العظيم " ، طوال مسيرتي في ذلك النهر رأيت ما لم يخطر على عقل بشر ،
ما إن وصلت إلى آخره حتى وجدت رجلا وكأنه ينتظرني أعطاني قلما وقال لي : اكتب ما شئت أو اصمت ، ثم اختفى في لمح البصر .

منذ ذلك الوقت صرت شاعرا وكاتبا ومؤرخا ، و من يومها و أنا أعيش من " زمن " إلى " زمن " ومن " بعد " إلى " بعد " .
كنت شاهدا على كل الممالك ، وكل العصور الذهبية ،
كنت حاضرا على عصر الثقافات ونهضة العلم و المعرفة و جيل الكتاب الذهبي حتى زمن " المجلات " و " الإلكترونيات " .
حتى وصلت إلى هذا الزمن الذي جعلني أكره فيه نفسي وأكره فيه قلمي و أكره فيه أوراقي .
صرت أكره زمنا أصبح فيه القلم الصادق منبوذا و القلم المنافق محظوظا .
صرت أكره زمنا أصبحت فيه الحياة أغلى من الضنى ، وصار الحق فيه ضائعا وكأنه مجرد طنين .

كنت سعيدا أنني سأعيش كثيرا وسأنتقل بين الأزمان و سأكون شاهدا على العصور ،
لكني اليوم ......
اليوم نرجع إلى ماضينا
الذي فرطنا فيه بأيدينا
وصاحب نفديه ويفدينا
وأخ وأب وخال لا يجافينا
ونقطف من الجنان رياحينا
وننسى من الآلام ما يبكينا
و لنبني مدينة العلم لتحمينا
وجيلا للعلم يعلي أمانينا
بذاك فقط نصير ملوكا تركع لها الأمم محترمينا
وقد يضحك الزمن الكئيب و لا يبكينا

.تبا للحظ العاثر كيف صرت شاهدا على زمن الكذابينا
تبا للحظ العاثر كيف وجدت نفسي فجأة في زمن المستكبرينا.

بقلم : ريم الشاذلي
.
بتاريخ 26 مارس 2020

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلسلة حوار ساخن #أرض التيزيون# السجلات الأكاشية #نهر الحياة #الخاتم المفقود#شجرة الخلود#رسالة مجهولة1330

من هم الزوهريين ؟

رواية " مرآة الزهورين" ...الجزء الاول