رواية "العين المحرمة " الجزء الثاني

 #العين_المحرمة

                        و

             #سلالة_الزوهريين

                     #رواية

               #الجزء_الثاني 


           بقلم #ريم_الشاذلي


يخيل إلي أن الرجال العظماء لا بد أن يشعروا على هذه الأرض بحزن عظيم ،


        #سوريا  #دمشق عام 1995


بينما كنت أرفع الستائر لتعبر أشعة الشمس الساطعة نحو الداخل عبر نوافد المنزل رأيت رجلا طويل القامة عريض المنكبين شديد البياض تعلوه حمرة، رجل لم أشاهده في حيينا من قبل ، كان و كأنه عبارة عن نور متحرك أو ملاك هبط من السماء ، لم أرى من قبل من في جماله و جلاله قط ، كان  ينزل من عربته الملكية و يتوقف عند كل باب ويرفع بيده الشريفتين رقعة سوداء كتبت عليها حروف و طلاسم و كأنها من عالم الظلام ثم يجعلها تعود إليهم ليذقوا عذاب السعير بما كسبت أيدهم ، و كأنه كان يصحح كل الأخطاء التي حصلت في الماضي ، ويجفف كل الدموع التي تنزل من عيون المتعبين و اليتامى و المشردين في شوارع دمشق العتيقة ..

 

فجأة !!  تحول هذا الرجل إلى سيف عظيم على رقاب الظالمين ، كان سيفاً عظيماً ، و في كل شبر فيه كانت توجد شمسٌ و قمرٌ و كواكبٌ ونجومٌ ، و كأنه السيف و كأنه القلم و كأنه النهاية و كأنه البداية و كأنه الشمس الساطعة ..

 

ثم فجأة صار نقطة تحت الباء وارتفعت الباء إلى السماء فكان منها ماكان و ما يكون .


وعندما أنزلت عيني ثانية إلى الأرض 

كانت هناك حربا مشتعلة في دمشق ، و كأن الناس سكارى و ماهم بسكارى ، و كأن دمشق صارت مقبرة بلا أحياء ..

 

و بينما أنا كذلك مأخوذ بما تراه عيني ،  نزلت السماء إلى الأرض وكأنها امتزجت بالتراب ،وارتفع الماء إلى السماء و كأن الجاذبية تم عكسها ..


وفجأة أشرقت الشمس من مغربها ، فتذكرت أنني نمت ولم أصلي العصر ، حتى كاد قلبي أن يتوقف من هول ذلك الأمر العظيم ، وفجأة استفقت على آذان العصر ( الله أكبر ) ، فقلت : الحمدلله لقد كان مجرد منام ...

 ثم صرت أسأل نفسي ترى من كان ذلك الرجل ذا الطلعة البهية ؟؟!!


وما تعبير منامي هذا ؟؟!


هل يعني أن هناك حرباً وشيكة ستشن على دمشق الحبيبة ؟؟!!


كلها أسئلة ظلت بلا جواب .


توضئت وذهبت إلى المسجد لصلاة العصر ، بينما كنت أهم بالمغادرة سمعت أحدهم يناديني : ...شوكت ...يا شوكت .. و عندما التفت وجدته شيخي الفاضل ( بسام ) قبلت يداه المباركة ، ثم ابتدرني بالسؤال عن حالي و أحوالي ، ثم قال :


 هل لازلت ترى تلك الكوابيس يابني ؟؟


فقلت له : نعم يا شيخي لا زال الحال على ماهو عليه لا شيء قد تغير ، ثم نصحني أن أحصن نفسي و أن أقرأ سورة ياسين كل يوم قبل النوم ..


نسيت أن أعرفكم بنفسي ،  

أنا ( شوكت ) ..( شوكت إسماعيل ) من مواليد دمشق الحبيبة ، و أبي من مواليد حلب الشهباء ..


أنا ( شوكت اسماعيل ) الشاب الوحيد وسط أربع بنات ، أبي كان يتمنى أن يكون له أكثر من ولد حتى يتحملوا عنه أعباء التجارة ، لكن كما يقولون تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن .


و كأن الحكاية بدأت في تلك الليلة التي أنذرت فيها أمي لله نذرها أنه إذا أنجبت ولدا فسوف تذبح جملا وتوزع لحمه على الفقراء شكرا لله ... وهكذا جئت إلى هذه الحياة بدعوة مستجابة يسبقني نذر أمي ، أتيت إلى هذه الحياة بعد أن كانت روحي تنعم في البرزخ و جنات النعيم ..


هل كان تشريفاً أم عقاباً ؟؟!!

لا أعلم !!!


لكنني هنا اليوم أعيش مع كل مشاكل الحياة و أتعايش معها منذ الطفولة ..

  تارة أرى رؤى تسر الخاطر ... و تارة تفزعني منامات تزعج الروح ، استمرت هذه المنامات حتى سن المراهقة و في كل مرة يقولون لي : هي مرحلة و تنتهي ...لكن ها أنا اليوم في الأربعين من عمري ولازالت تلك الكوابيس لا تتركني و شأني ..


منهم من قال : أنها التابعة أو اللعنة  التي تتبع عائلتي... فعائلتي لا يعيش لهم ولد ذكر وكل مواليدهم بنات ، و عندما أفكر في الأمر يبدو لي أن هذا التحليل منطقيا أكثر ، حتى لو رفضته كما يرفض ذلك أبناء جيلي !!!


لكن خوفي من النوم دفعني إلى السهر المستمر حتى تدهورت حالتي النفسية و الجسدية ..

و عندما رآني صديقي و أنا على تلك الحالة ، قال لي : هناك رجل يقوم بالرقية الشرعية ، لما لا تجرب الذهاب إليه لعله ينفعك ، فقلت في نفسي لما لا أجرب ماذا سأخسر !!


مع الأسف !! كل هؤلاء الشيوخ الذين كنت أذهب إليهم من أجل الشفاء كان ذهابي إليهم بدون جدوى ، و كل ليلة تكون كباقي الليالي ، المشكلة أنني عندما أستيقظ لا أتذكر منها إلا تفاصيل بسيطة جداا ، و أشعر أنني مرهق بشكل لا يصدق ، و كأنني كنت في معركة حربية ، أحياناً أجد كدمات على جسدي... وأحياناً أجد نذوبا، ولا أعرف من أين جاءت تلك الكدمات والنذوب ؟؟!!


بعض الشيوخ أخبروني أنني

#زوهري_الدم  و أن الشياطين تسعى ورائي ، و أنني أملك روحانية كبيرة لكنني لا أعرف توجيهها .. 

سألت بعض هؤلاء الشيوخ فقالوا أن صاحب الطاقة النورانية يستطيع أن يشافي الناس من عللهم ، و أنه يكون  إنساناً مباركاً ،وقتها تذكرت أنني كلما ذهبت إلى متجر أبي كان يمتلأ بالناس بعد  أن كان فارغاً ، فكان أبي رحمه الله يناديني ب ( ابني المبارك )  ، وكلما رآني أصدقائه ... أصحاب المتاجر  المجاورة يطلبون مني الدخول إلى متاجرهم الراكدة لأباركها ، و فعلا كلما دخلت إلى دكان امتلأ بالناس حتى ينسى صاحب المتجر وجودي ، ومنهم من كان يبعث هدية إلى المنزل كشكر وامتنان ، و منهم من كان ينسى لأنه في النهاية إنسان ..

 

في إحدى الأيام بينما أنا في عملي علمت من أمي أن ابنة أختي مريضة جدا ،  فقلت في نفسي لما لا أجرب أن أعالجها عن بعد من خلال طاقتي ، فأخبرت أمي أنني سأتصرف ثم طلبت منها أن تخبرني بالتطورات ...وفعلا و مع تركيز كبير وبعد مضي ساعة من الزمن ، أخبرتني أمي أن حالتها تحسنت فجأة ، حتى أنها طلبت الأكل بعدما كانت ترفضه ، لم أتوقف عند هذا الأمر بل تكرر مع كل معارفي و أخواتي و أصدقائي ، لكنني بعد كل جلسة شفاء كنت أشعر بوهن و عطش شديد ، و أشعر و كأنني فقدت طاقتي بالكامل ، حتى أنني لم أعد أقوى على الحراك في ذلك اليوم .


لكن تلك الكوابيس لم تكن تتركني و شأني و كأنني في ساحة معركة ، 


بعد مرور سبع سنوات على هذا الحال .


ذهبت إلى العسكرية و قلت في نفسي لعل تغيير المكان يساعدني على التخلص من تلك الكوابيس المزعجة  ، لكن للأسف مع أول ليلة في العسكرية و رغم التعب الكبير إلا أنه لاشيء قد تغير ، 

في الصباح التالي أخبرني صديق تعرفت عليه هناك ، ولم أكن أره إلا ليلا بسبب اختلاف مواعيد المناوبات ، وبعد أن عرف مشكلتي قال لي : يمكنك التخلص من كل هذه الكوابيس بكل سهولة يارجل فقط من خلال التأمل و فتح #العين_الثالثة .


فسألته وما هذه العين الثالثة ؟؟!!


فقال : إنها عين الجبهة التي تساهم في التخلص من كل مشاكلك و أحلامك المزعجة  ، و سوف تساعدك على الاسترخاء ، و معرفة المشكلة و علاجها ، 

كما أن العين الثالثة ستنقلك إلى البعد الخامس و بعدها سوف تصل إلى  

#سجلات_الأكاشية التي دون فيها ما كان و ما يكون ، و هذه السجلات لا يصلها إلا العظماء أصحاب الهمة العالية ،  

فقلت في نفسي : إنه لأمر عظيم ، كيف لم أسمع عن هذا الأمر  من قبل ؟!

ثم قلت في نفسي :  وأنا ذو همة عالية وسوف أصل إلى #سجلات_أكاشيا و أفتح العين الثالثة التي ستساعدني على التخلص من كل مشاكلي .


من ذلك اليوم وبعد انتهاء فترة دوامي اليومي ، كنت أحرص على الاسترخاء التام و التركيز على جبهتي لفتح تلك العين الثالثة ، لم يكن الأمر سهلا كما توقعته بتاثاً ، بل استغرق مني ستة أشهر ، وطوال تلك الفترة لم يتغير شيء ، سوى أنني كنت أسمع أصواتاً و كأن أحدهم يناديني ، وتارة أسمع ضحكات ... وتارة أسمع بكاء أطفال ،  و العجيب أن المكان الذي كنت أتواجد فيه كان بعيدا  كل البعد عن الضاحية أو مركز المدينة ، ورغم ذلك كنت أسمعها ..


في إحدى الليالي وبينما كنت نائما ، سمعت أحدهم يناديني بإسمي ...شوكت إسماعيل ...تعالى. .. لقد حان الوقت للذهاب ....


نهضت من فراشي وتبعت الصوت حتى وصلت إلى باب كبير لم أره من قبل حيث أعمل ، لقد كان باباً صخريا ضخماً ، و عندما اقتربت منه و جدت امرأة برداء أسود تمد يدها إلي و هي تقول : تعال يا شوكت لقد انتظرتك كثيرااا ، و بينما كنت أمد رجلي للدخول من ذلك الباب ، سحبتني يد بقوة من ظهري وسمعت صوتا يقول  : لا تدخل يا شوكت ... لا تدخل ... ، فقلت له :  بعد كل هذه المعاناة تطلب مني عدم الدخول !!!


ثم أدرت ظهري ودخلت إلى ذلك الباب الكبير ، و ما إن دخلت حتى وجدت نفسي أهوي إلى الأسفل بكل قوة ، لقد كان المكان مظلماً و عميقاً لدرجة أنني كلما وصلت لعمق محدد رأيت ساعة غريبة و قد كتب عليها : ( لقد مر أربعون سنة ) ، وكلما نزلت وجدت ساعة أخرى وقد كتب عليها : أربعون سنة أخرى قد مرت )  حتى وصلت إلى ست مئة وستون سنة و أنا أهوي ، حتى وصلت إلى القاع ، نهضت ونفضت ملابسي من ذلك الغبار الأحمر .. التففت عن يميني وشمالي لعلي أعرف أين أنا !!! فلم أجد غير  صديقي ( ظافر ) و قد كان يستقبلني وهو يقول : مرحباً بك ياصديقي " العسكري "  في البعد الخامس ، كيف يبدو لك المكان ؟؟!

هل نال إعجابك؟؟!


ثم قلت له و أنا مصدوم : أهذا هو البعد الخامس الذي أوهمتني به ؟؟! 

إنه كئيب و لا حياة فيه .


فأجابني  : ومن قال أن لا حياة فيه ، امسح عينك أولاً ، لأن غبار أرض الإنسان لازال عالقاً بعينك ..

 

و ما إن مسحت عيني حتى صدمت لما رأيته ... إنه عالم مليئ بالشياطين بجلدها الأحمر وقرونها الصفراء الكبيرة ، 

عالم على مد البصر لكنه بلا حياة ، يتواجد فيه شياطين بلا عدد و كأنهم يتكاثرون في كل ثانية من الزمن ، 

و تسمع خرير نهر من النار و بركان صوته يدوي في كل مكان ، كانت حرارة المكان لا تطاق ، وكأنه الجحيم ..

 

ثم استدرت أبحت عن صديقي ( ظافر ) كي يعيدني إلى مكاني ، لكنني لم أجده في أي مكان ، ثم اقترب مني شخص في هيئة بشرية بلونه الأزرق المختلف عن باقي الشياطين الحمر ، ثم همس في أذني قائلاً : مرحباً بك في الجحيم يا صديقي ،.. سوف نستمتع بدمك الملكي دون أن تتأذى فينا شعرة ، لأنه اختيارك أنت 

ثم استطرد قائلا : مشكلتكم أنتم أيها البشر هي أنكم لا تستطيعون التمييز بين الإنس والجن في الليالي المظلمة ، و تصدقون مايقال لكم بكل سذاجة ، 


فانتفضت قائلا : لقد خدعتني .. ألم تقل أنه بعد خامس و أنه نوراني ؟؟!


فقال : لكنك ركزت على البعد الذي اخترته لك أنا ..ولم تختر البعد الخامس السماوي ، ففي عقلك الباطن قمت باختيار ما اخترته أنا لك ...على أية حال حصل ماحصل ، فلا تبكي ياصديقي ( شوكت اسماعيل ) .


 في تلك اللحظة شعرت بمرارة كبيرة وغصة لأنني وقعت في مصيدة بكل إرادتي الحرة .


ثم تذكرت ذلك الشيخ الذي كان يجرني من ظهري ليمنعني وهو يقول لي : شوكت اسماعيل لا تذهب يا بني ...،


 ندمت ندماً شديدا لأنني لم أسمع نصيحته ... وندمت أكثر لأنني شعرت كم كنت غبيا في تصديق كل ما يقال لي  ومن كل من هب و دب ، لم أستمع للناصحين والذين أعرفهم و أعرف مكانتهم و محبتهم وخوفهم علي  ..

 

هل ما أنا فيه الآن بسبب أمي التي لم تستطع أن تفي بوعدها ؟؟!


أم بسبب اللعنة التي تلاحق عائلتي ؟؟!


أم بسبب التربية التي لقنوها لنا في مدرسة الحياة ؟؟ 


هل بسبب التدجين الذي تعرضنا له كمجتمع  ؟؟!! 


حتى صرنا بلا عقل أو تفكير أو وعي ...

و كأننا مجرد أغنام تساق إلى مصيرها بدون حول منها ولا قوة...


و المشكلة هو أنه كلما عارضنا أمرا لايوافق قلوبنا و فطرتنا السليمة ،كنا عرضة لاتهام عريض كبير على أننا خارج الملة والدين !!


فصرنا على ما نحن عليه الآن ، نصدق الكاذب و نكذب الصادق ، واختلط عندنا الحابل بالنابل ، نكذب المعرفة الحقة و نعتبرها زندقة و خروجا عن الإجماع ، وأي إجماع بيت بليل و شيد بمكر !!  و نصدق الزيف و نعتبره علما نفني أعمارنا في طلبه ، حتى إذا احتجناه لمواجهة أعباء الحياة و كيد الأعداء وجدناه سرابا يحسبه الضمئان ماء ، وكانت حسرة على حسرة ، ولات حين مناص !! 


ها أنا اليوم أتحدث إلى نفسي كالمجنون بينما أسمع هدير النهر المزعج الذي يفيض بالنار و لهب البركان الثائر ، نهر من نار  لا تعرف نبعه و لا مصبه ، حتى الشياطين الحمر سكان هذه الأرض لم يستطيعوا معرفة تفاصيله المرعبة ..


يقولون : أنه جحيم الأرض التي تعذب فيها النفوس و التي سمعت أصوات عذابهم في #أرض_سبيريا 


 يقولون : أن هناك بئرا تسمى بعين الجحيم ، لأنها بئر على شاكلة العين ، كلما ردموها بالتراب والحديد  عادت للظهور وعادت تلك الظواهر الغريبة من جديد ، 

مثل سماع أصوات أشخاص تتألم و صرخات لا تتوقف لا.. ليلا .. ولا.. نهارا ،

و كأنهم يتعذبون عذاباً شديدا ، 


مرت ستون سنة وأنا هناك حتى تمكن اليأس مني ... وظننت أنها النهاية ،

و فجأة ظهر طائر غريب في تلك الأرض ، رغم أن لا طيور فيها ، كان كلما سقط من شدة حرارة المكان إلا وارتفع من الأرض حتى يطير في السماء ... وفجأة اختفى عن ناظري ...ثم قلت في نفسي لما لا أجرب حظي مثل هذا الطير و أجرب الطيران ، لكنني في كل محاولة كنت أفشل ...


و فجأة سمعت صوتا يأتي من قلبي  يقول لي : يا ( شوكت اسماعيل )  ردد ورائي وقل :  ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وكلما ذكرت إسم الله كلما ارتفعت من الأرض ..ثم ارتفعت ..و ثم ارتفعت .. و كانت الشياطين في الأسفل تفعل المستحيل كي تنزلني من جديد إلى قاع الجحيم ، وثابرت بكل قوة وعزم ودون استكانة حتى وصلت إلى الباب الذي وجدت فيه تلك المرأة واقفة أول مرة قبل ستين عاما و التي كانت تناديني و أنا نائم ، و بينما أنا أهم بالخروح من تلك الباب ، رأيت ذلك الشيخ الذي كان يريد أن ينقذني أول مرة ، وما أن رآني أكافح حتى أخرج من الباب في مغالبة لتيار الجاذبية الذي كان يشتد عند الطرف الأول من الباب ليدفعني داخلا مجددا ، حتى مد ذلك الشيخ يده وقبض بيدي بكل قوة و أخرجني ، وبينما كنت ألهت بقوة و أنا أحمد الله وأشكره على أنه قد نجاني من ذلك البعد السحيق وجدت ذلك الشيخ قد اختفى ، و عندما التفت ورائي تجاه الباب ، رأيت أولئك الشياطين  تحاول جاهدة الخروج من ذلك الباب بكل قوة لإعادتي... ، وفجأة استيقظت من منامي على  صوت آذان صلاة ظهر يوم  الجمعة ..

 

فأدركت أنه كان حلما وسط حلم وسط حلم ، وأنه بعدما رأيت ذلك الرجل الذي كان ينزل من عربته الملكية وسط شوارع دمشق الحبيبة ، دخلت في منام آخر بعدها .... ، لقد استغرق مني هذا الحلم سنوات في المنام كي أتيقن تحذير ما هو قادم ، لأنني قبلها بيومين قرأت عن الإسقاط النجمي و عن العين الثالثة وقلت في نفسي وقتها ...لما لا أجرب هذا الأمر ماذا سيحدث ، قلتها على سبيل الفضول  !!!  لعله يساعدني في حل مشاكل الكوابيس !!! قلتها على سبيل الطمع !! 

و عندما نظرت إلى الساعة لأعرف كم استغرقت من الوقت وأنا نائم  لم يكن مر إلا ثواني فقط !! 


يا إلهي إن الزمن وسط المنام أمر مختلف تماماً ، بينما تعيش عمرا بكامله داخل منام واحد يكون قد مر في عالمك الواقعي ثواني معدودة !!! 


لقد تعلمت من تجربتي أن ما يمكن أن تراه في حياتك على أنها مشكلة و ابتلاء ، هو في الحقيقة نعمة من الله لا يعرف قيمتها إلا من وصل إلى ذلك الجحيم وعايش أحداثه .

لقد تعلمت التعايش مع أحلامي التي كانت تارة تتحفني بإجابات عجيبة على ما كنت أفكر فيه ، وتارة كانت تحذرني مما هو قادم ..


نهضت من مكاني و نفضت عني غبار المنام و توضأت وذهبت لصلاة الجمعة في المسجد ، و بعد انتهاء الصلاة سمعت أحدهم يناديني بإسمي : ...شوكت ...يا شوكت ....فقلت نعم يا شيخي الفاضل ... فقال : هل لازلت ترى تلك الكوابيس يا بني !!! فهممت بالاجابة كما في المرة الأولى ، لكنني استدركت قائلا : لا زلت أرى ، ولا زال الحال على ماهو عليه ، ثم  ابتسمت وقلت له : تعلمت أن أحب تلك الكوابيس يا شيخي , و قد اختلفت نظرتي للأمور ، ربما هي نواقيس وليست كوابيس...


سوف أحافظ على تلاوة سورة ياسين قبل النوم شيخي بسام . 


هذا المنام علمني كيف أتحكم في طاقتي ، و تعلمت كيف أستعملها ، إنها الطاقة التي استودعها الله فينا ، لكننا نجهلها ونجهل سرها العظيم الذي وضعه الله فينا ، قد يستغرق منا بضع سنوات لندرك ذلك السر المكنون ، وهناك من يحيى و يموت ولا يدرك أنه جرم صغير قد استودع الله فيه سره العظيم وانطوى فيه العالم الأكبر كما كان يقول مولانا جلال الدين الرومي .. ذلك الذي تعلم من  الشمس ..#شمس_تبريز .


إنتهى هذا الجزء الثاني من الرواية ..

 رواية #العين_المحرمة .


خالص التقدير والاحترام والمحبة 🙏❤️


#بقلم_ريم_الشاذلي

#Reem_Shadili




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سلسلة حوار ساخن #أرض التيزيون# السجلات الأكاشية #نهر الحياة #الخاتم المفقود#شجرة الخلود#رسالة مجهولة1330

رواية " مرآة الزهورين" ...الجزء الاول

من هم الزوهريين ؟